الخميس 18 أبريل 2024 - 10:38 مساءً
اختيارات القراء يومى شهرى
  • فيديوهات
تحية للقوات المسلحة والجيش الابيض والشرطة لمجابهة كورنا
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
مسجد الروضة ببئر العبد بعد تجديده
احداث انفجار مسجد العريش
أول صورة للمتهم بأكل أحشاء شقيقه
  • استطلاع رأى

هل تتوقع نجاح تجربة المدارس اليابانية؟

  نعم


  لا


نتائج
  • القائمة البريدية
ضع اميلك هنا
  • معجبى الفيس بوك
  • معجبى تويتر

الثقافة عنصر أساسى ودائم لـ العلاقات المصرية الروسية

الاثنين 11 ديسمبر 2017 07:16:00 مساءً

أ ش أ
يرحب المصريون بضيفهم الكبير الرئيس الروسى فلاديمير بوتين متطلعين بكل الثقة والأمل والتفاؤل لنتائج مباحثاته المهمة اليوم "الاثنين" مع الرئيس عبد الفتاح السيسى فيما تشكل الثقافة رافدا من أهم روافد النهر المتجدد للعلاقات المصرية-الروسية.
 
وإذ تتوالى الطروحات والتعليقات فى الصحافة ومختلف وسائل الإعلام حول أبعاد ودلالات ومغزى الزيارة التى يقوم بها بوتين لمصر تلبية لدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسى فان هذه الزيارة تثير ذكريات عزيزة لدى جيل من المثقفين المصريين عاصر منذ أيام الصبا حقبة شهدت عنفوانا فى العلاقات بين الجانبين ولصالح الشعبين والبلدين الصديقين ليحق وصف هذه العلاقات بأنها "تاريخية واستراتيجية" .
 
ولئن كان الموسيقى المصرى الشهير عمر خيرت يصف روسيا "بالبلد الذى يحترم الموسيقى والفنون الراقية والثقافة احتراما كبيرا فان دور الأوبرا والمسارح الكبرى فى العالم تقدم دوما أيقونات فنية وثقافية روسية خالدة فيما اقترنت روسيا لدى المثقفين المصريين والعرب ككل بأسماء أدباء ومبدعين كبار مثل تولستوى وجوركى ودوستويفسكى وبوشكين وجوجول وميخائيل شولوخوف.
 
ومقابل الحاجة لدراسات نقدية ثقافية عميقة لتأثير الأدب الروسى على الأدباء المصريين سواء فى مجال الرواية أو القصة القصيرة ومدى استلهام أصوات خالدة فى الأدب الروسى والعالمى من وزن تولستوى وتشيخوف ودوستويفسكى وبوشكين الذى تأثر بالإسلام والقرآن الكريم فإن من الأهمية بمكان أيضا تصدى نقاد أدبيين وباحثين فى التاريخ الثقافى لدراسة مدى تأثر الأدب والثقافة فى روسيا بالأدب والثقافة المصرية والعربية فضلا عن التفاعل المنشود بين الأجيال الجديدة للأدباء والمبدعين فى البلدين الصديقين .
 
وواقع الحال أن العلاقات الثقافية بين مصر وروسيا لها مضمون ثرى وتاريخى كما توضح شخصيات ثقافية هامة مثل الكاتب والأديب بهاء طاهر و المؤرخ الدكتور عاصم الدسوقى والدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق فيما تشكل شخصية تاريخية مصرية مثل الشيخ محمد عياد الطنطاوى علامة دالة فى هذا السياق.
 
ففى العقد الثالث للقرن التاسع عشر توجه هذا الأب الثقافى المصرى إلى روسيا ليعيش على ضفاف نهر الفولجا كممثل للثقافة المصرية والعربية فى تواصل مع المثقفين والأدباء الروس وليتحول الى علامة مضيئة ودالة على مدى العمق التاريخى للعلاقات الثقافية بين الشعبين الصديقين فيما أزيح الستار قبل نحو أربعة أعوام عن تمثال برونزى للشيخ الطنطاوى فى مدينة سان بطرسبورج بحضور حاشد للمثقفين والأكاديميين الروس. وممثلى الجالية المصرية والجاليات العربية.
 
والشيخ محمد عياد الطنطاوى الذى ولد فى قرية صغيرة بالقرب من مدينة طنطا وقضى عام 1861 فى بلدة فولكوفا الروسية كان شاعرا ومثقفا موسوعيا وعالما من علماء الأزهر الشريف ولبى دعوة رسمية روسية تلقاها عام 1839 فى عهد القيصر نيكولاى الأول لتعليم اللغة العربية وآدابها فى معهد اللغات الشرقية التابع حينئذ لوزارة الخارجية الروسية.
 
وتقول الوثائق الروسية فضلا عن كتاب للأكاديمى الروسى اغناطيوس كراتشكوفسكى ان الشيخ الطنطاوى تحول إلى علامة ثقافية فى العاصمة القيصرية الروسية سان بطرسبورج وكان هذا الشيخ المصرى القادم من ضفاف النيل محط أنظار المثقفين الروس على ضفاف "الفولجا والنيفا".
 
وفى احتفال أقيم بالقاهرة منذ نحو أربعة أعوام بمناسبة مرور 70 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية على مستوى السفراء بين مصر وروسيا قامت "دار أنباء روسيا" بإهداء دار الكتب والوثائق القومية نسخة إلكترونية من المخطوطات النادرة للشيخ محمد عياد الطنطاوى وهى مجموعة تتكون من 113 مخطوطة نادرة كتبها الطنطاوى خلال سنواته الحافلة بالعطاء الثقافى فى روسيا.
 
والملاحظ ان مؤسسات ثقافية رسمية فى مصر مثل الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية تنهض بأدوار مقدرة على صعيد دعم العلاقات الثقافية بين مصر وروسيا وهو ما يتجلى فى ملتقيات ومؤتمرات ثقافية تبحث وتناقش مسائل ثقافية هامة فى سياق العلاقات بين البلدين الصديقين مثل
 
"الرحلات المتبادلة بين مصر وروسيا" و"العلاقات التعليمية والعلمية" و"الاستشراق والعلاقات الإنسانية" و"الصحافة واللغة" و"الأدب والفن والتاريخ" .
 
وإذا كانت الحركات الصوفية بدورها التاريخى المشهود فى نشر الإسلام فى أفريقيا بآسيا الوسطى قد وصلت إلى نهر الفولجا فى روسيا فإن الإضاءة الثقافية المصرية للعلاقات الروحية بين مصر وروسيا تتضمن دراسات وأبحاث من بينها دور الكنيسة الأرثوذكسية المصرية فى إصلاح الكنيسة الروسية فى الحقبة ما بين القرنين السادس عشر والثامن عشر والعلاقات بين الكنيستين المصرية والروسية فى القرنين التاسع عشر والعشرين فضلا عن بحث حول العلاقة بين روسيا ودير سانت كاترين فى سيناء. 
 
وكان البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية قد زار روسيا فى أواخر عام 2014 وسط ترحيب على كل المستويات الرسمية والشعبية لتعزيز العلاقات التاريخية بين الكنيستين المصرية والروسية.
 
ولئن كانت مصر فى عصر محمد على قد اختارت أربعة من شبابها النابهين لدراسة علم التعدين فى سيبيريا فمن الطريف مناقشة مواضيع فى مؤتمر ثقافى منذ نحو أربعة أعوام بالقاهرة مثل "الروس فى حى حلوان" ولعل هذه النوعية من الدراسات تمنح المزيد من الثراء للأبعاد الثقافية للعلاقات المصرية-الروسية.
 
وينشط المركز الثقافى الروسى فى القاهرة بالتوازى مع دور نشط للمكتب الثقافى فى السفارة المصرية بموسكو يتجلى فى مهرجانات ثقافية ومعارض فنية وعرض أعمال نحتية مصرية لفنانين مثل أسامة السروى الذى أبدع تمثالا لعميد الأدب العربى الدكتور طه حسين يزهو به الآن المتحف الإقليمى لمقاطعة تفير الروسية. 
 
وضمن أنشطته المميزة يبدى المركز الثقافى الروسى بالقاهرة اهتماما ملحوظا بإبداعات الفن التشكيلى المصرى وتشهد قاعاته من حين لآخر افتتاح معارض فنية مصرية فى مناسبات هامة فيما أعلن عن تقديم خصومات بنسبة 50 فى المائة على أسعار الاشتراك فى برامجه الدراسية والثقافية ودوراته المتخصصة فى "الكمبيوتر وتصميم الجرافيكس" بمناسبة زيارة الرئيس فلاديمير بوتين اليوم لمصر.
 
ويؤكد مدير المركز الثقافى الروسى فى القاهرة اليكسى تيفانيان ترحيبه دوما بالتعاون مع الفنانين المصريين لمد جسور التواصل الثقافى بين البلدين الصديقين فيما افتتح مساء أمس "الأحد" معرضا للفن التشكيلى بعنوان "رسالة حب من بيتر" للفنانتين الروسيتين الكسندرا سبيرانسكايا ويوليا شتيرن .
 
وكثير من كتابات المثقفين المصريين تؤكد على حقيقة الدور التاريخى للاتحاد السوفييتى السابق فى دعم الإرادة الوطنية المصرية بعد ثورة 23 يوليو 1952 لبناء قاعدة القوة الذاتية للاقتصاد المصرى ومشاريع التصنيع العملاقة دون إملاء شروط على المصريين مقابل هذا الدعم على نحو ما سجله مثقف مصرى كبير هو الكاتب الراحل محمد عودة فى كتابه عن "قصة السوفييت مع مصر".
 
وهاهو الكاتب والمحلل السياسى الدكتور أسامة الغزالى حرب يستدعى ذكرياته فى سياق تناوله للعلاقات المصرية-الروسية معتبرا أن لروسيا والاتحاد السوفييتى السابق تاريخا ناصعا مع مصر والمصريين ويقول :"أنتمى إلى الجيل الذى عاصر فى طفولته الإنذار الروسى الشهير الذى وجهه بولجانين الى بريطانيا وفرنسا فى عام 1956فى غمار الأزمة التى فجرها تأميم عبد الناصر لقناة السويس ".
 
ويضيف :"أنتمى إلى الجيل الذى عاش فى صباه وشبابه معركة بناء السد العالى حيث قام الروس بمساعدتنا فى بنائه فى واحدة من أمجد وأعظم ملاحم البناء والإنجاز والبطولة فى مصر فضلا عن العديد من المشروعات الصناعية التى كانت روسيا فيها خير سند لمصر التى حققت أهم إنجازاتها العسكرية الحديثة أى حرب أكتوبر 1973 بواسطة السلاح الروسي".
 
وإذ تنثال مثل هذه الذكريات فان ثمة اتفاقا بين العديد من المثقفين المصريين على أن العلاقات المصرية - الروسية التى مرت بمراحل مد وجزر تشهد الآن "ارتقاء نوعيا وشاملا" فى ظل توجه مشترك للرئيسين عبد الفتاح السيسى وفلاديمير بوتين.
 
وللكاتب الصحفى المصرى المتخصص فى الشأن الروسى الدكتور سامى عمارة كتاب هام حول المشهد الروسى فى ظل رئاسة فلاديمير بوتين بعنوان :"بوتين: صراع الثروة والسلطة" فيما وصف الكاتب الدكتور عمرو عبد السميع هذا الكتاب الذى صدر فى 454 صفحة بأنه "وثيقة هامة ينبغى قراءتها بجدية عند كل المهتمين بالشأن العام الذين يودون الاتكاء على أسس معلوماتية فى تناولهم لعلاقة التحالف الوليد بين مصر وروسيا".
 
وفى سياق تناوله لأبعاد الزيارة الجديدة التى يقوم بها الرئيس فلاديمير بوتين لمصر والمباحثات المرتقبة مع الرئيس عبد الفتاح السيسى ينوه سامى عمارة وهو مدير مكتب جريدة الأهرام فى موسكو بأن "لقاء القاهرة" اليوم هو الثامن فى سلسلة لقاءات الزعيمين المصرى والروسى منذ اللقاء الأول فى شهر فبراير عام 2014 بموسكو .
 
والزيارة-كما يقول الدكتور سامى عمارة-علامة تشكل تأكيدا جديدا لحرص البلدين على تطوير ما سبق وتوصل إليه الزعيمان السيسى وبوتين من اتفاقات ورؤى مشتركة ترتقى بالعلاقات المصرية - الروسية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
 
وبين نهرى النيل والفولجا تسرى الثقافة بإيقاعاتها المبدعة فى النهر المتجدد للعلاقات المصرية - الروسية وتمنح المزيد من البهاء لصور نبيلة لشعبين صديقين وبلدين ينتصران معا للحياة ويتطلعان لعالم أفضل وأكثر عدالة ولعل ذلك وراء الارتياح الواضح بين المثقفين المصريين حيال الزيارة التى يقوم بها الرئيس فلاديمير بوتين اليوم للقاهرة.