الخميس 18 أبريل 2024 - 08:36 صباحاً
اختيارات القراء يومى شهرى
  • فيديوهات
تحية للقوات المسلحة والجيش الابيض والشرطة لمجابهة كورنا
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
مسجد الروضة ببئر العبد بعد تجديده
احداث انفجار مسجد العريش
أول صورة للمتهم بأكل أحشاء شقيقه
  • استطلاع رأى

هل تتوقع نجاح تجربة المدارس اليابانية؟

  نعم


  لا


نتائج
  • القائمة البريدية
ضع اميلك هنا
  • معجبى الفيس بوك
  • معجبى تويتر

مارلبورو...

الثلاثاء 15 أكتوبر 2019 08:42:00 مساءً

بقلم الادبيه الإعلاميه دينا عاصم

مارلبورو...الملكوت...أوعي اللبن...فين الجرايد؟ في الحمام..! هيام سرحان..النداهة..الطعنة من ايد الحبيب
 
لا أدري متى على وجه التحديد تعلمت القراءة ولكني تعلمتها قبل دخول المدرسة برغم أني دخلت الصف الأول الابتدائي في سن الخامسة..
كنت أجلس بجانب والدي بالسيارة وأشب وأنا أمسك بيدي زجاج السيارة وأحاول أن أتهجى اللافتات وربط النطق بشكل الحرف، وأسأله عن اي كلمة تلفت نظري...
وكانت أصعب كلمة قابلتني هي كلمة كنت أجدها كثيرا على غلاف مجلة المصور القديمة ومجلة الكواكب التي تحبها جدتي وتحتفظ بأعداد كبيرة منها منذ صباها...هي كلمة "مارلبورو" ياختاااي هي اسوأ كلمة قابلتها وتحدت قدراتي..
لقد حاولت كثيرا أن أتهجأها بدون مساعدة واجتهدت كثيرا ولم أفلح حتى اضطررت اضطرارا لأن اسأل جدتي.. "انطقي لي الكلمة دي يا (انا) وعندما قرأتها لي طرت من الفرح وظللت أرددها وأنا ألعب دوما ..مارلبورو مارلبورو مارولبورو...كأنها تعويذة قمت بفكها..
وما إن دخلت المدرسة حتى كانت معلمتي للغة العربية وهي مسيحية اسمها "ميس عايدة" كانت تتركني لأساعد زملائي في قراءة الدروس بينما هي تقوم بتصحيح الكراسات..
أما عن عاداتي في القراءة فقد أصبحت نسخة طبق الأصل من والدي فهو يقرأ في أي وقت وكل وقت حتى في "الحمام" وهو أنسب مكان لقراءة الجرائد وخصوصا المصري اليوم والوطن :) وحين كنت صغيرة كان لا بد من قراءة الأهرام والأخبار والجمهورية..أكرمكم الله.. في الحمام ..فكان السؤال الطبيعي
- فين الجرايد..
- تلاقيهم في الحمام...
وكان خالي الذي أحبه كثيرا يسميني "ملكوت" لأنه كلما جاء لزيارتنا يجد ماما وجدتي تعانيان أيما معاناة حين أكون منهمكة في القراءة لأني أنفصل تماما فلا أسمعهم إذا نادتا علي ولا أرد عليهما إذا جاءت إحداهما تكلمني على استحياء..وكنت انفصل تماما حتى وأنا أشاهد التلفزيون لأني كنت عاشقة للأفلام الأبيض والأسود والأفلام الأجنبي "بالضبط مثل بابا" لذا فقد كان خالي يقول لهما "سيبوها دي في الملكوت"
واما أجمل لقب حصلت عليه فكان من أصدقائي حين أطلقوا علي اسم "هيام سرحان" وذلك لأني كنت طول الوقت سرحانة ولا أنتبه لحواراتهم إلا قليلا..واما لقبي الأخير الذي تشرفت به حقيقة فهو (بحر التوهان وترعة اللاوعي) وقد أنعمت به علي صديقة اسكندرانية اكتشفت من خلال إحدى جروبات واتس اب اني (مش هنا) وصرت مضرب الامثال في هذا الجروب لما واحدة تنسى التانية تقوللها (ييييييه انت اتعديتي من التايهة)..اللي هي انا حضراتكم...
وقد ورثت عن أبي تلك العادة حتى في قراءة كتب المدرسة ..كنت أستلقي على السرير وأضع ساقا فوق ساق وأبدأ في قراءة الكتب الساخرة للكاتب الراحل احمد رجب وكان بابا يحبه وأضحك حتى تسمع جدتي لأمي) صوت ضحكي عاليا فتدخل علي الحجرة مستغربة...وما إن تراني على حالي تلك ولم انتبه لدخولها تتمتم وهي مستسلمة لقضاء الله..يابنتي إنت نسخة من أبوكي ..
وكان أكثر ما يخيفها أن أدخل المطبخ لأني أحمل في يدي دوما كتابا أو تجدني دوما سارحة لذا فقد كان اللبن لا بد وأن يفور ويندلق على الأرض وتدخل جدتي لتجده تحت قدمي وانا مستغرقة تماما في القراءة لذا فقد صدرت الأوامر بمنعي من دخول المطبخ حرصا على سلامة البيت واللي فيه
وبعد أن كانت أمي تضجر من كتب أبي التي تجدها على الكومود وتحت السرير وفوق السرير وفي المطبخ "وفي النملية" "حيث إن والدي كان كثيرا ما يصنع لنا أكلات بنفسه" وفي الدولاب وعلى الكنبة استسلمت تماما لاقدارها معنا .. وللأمر الواقع بعد أن وجدتني اقرأ تلك الكتب لأنها أيقنت ان الموضوع موضوع جينات لا علاقة لها برجل تعتبره مهملا ينسى كثيرا..ولا ابنة مسكينة ندهتها النداهة..
فأقنعت نفسها أن هذا ليس إهمالا..إنما هو مرض وراثي....عيب خلقي ولدت به..حتى أنني كنت اقرأ قصص ألبرتو مورافيا وفرانسواز ساجان والماركسية والإسلام ولماذا اعتنقت الماركسية ولا أفهم شيئا فأقول لنفسي..سأحتفظ بتلك الكتب حتى أكبر وأعيد قراءتها مرة أخرى..وقد كان..!
أما أكثر ما كان يزعج جدتي ووالدتي فهو أنني اعتدت أن أقرأ أي شيء يقع تحت طائلتي وكانت جدتي كأي أم مصرية أصيلة حين تضع لنا الطعام كأطفال تفرش الجرائد فكنت أترك الطعام وأظل أزيح هذا الطبق وهذه الملعقة لأقرأ المكتوب وأنسى الطعام وأمي تنهرني "
"سيبي القراءة وكلي...سترتدين نظارة مثل أبوكي..القراءة لحست عقلك..كده كتير..يابنتي قومي اخرجي روحي لحد من اصحابك.." فأرد عليها ببراءة نعم يا ماما بتناديني؟
المهم أن القراءة جعلتني متوحدة بشكل ما وغير مفهومة لمن هم في مثل سني ..
حتى دخلت الجامعة وهناك وقعت على صديقة لها نفس الاهتمام بالقراءة والتعليم صحيح أني في الجامعة كنت قد توقفت تماما عن المذاكرة وأصبحت تلميذة فاشلة لا اقبال لها على الدروس ولا تحب الجامعة....لولا صديقتي تلك التي كانت تجبرني إجبارا على المذاكرة...ووقتها تفرغت للقراءات المتنوعة وكتابة الشعر "كما يسميه اصدقائي" والحقيقة إنه كان فضايح وليس شعرا حتى فوجئت أمس بصديقتي نشوة تلك المسكينة المبتلاة بصداقتي تقدم "مخطوطة" من العهد البائد كتبتها أنا وانا طالبة واحتفظت هي بها..الله يسترها..لتكون سيفا على رقبتي وقت الحاجة زي سيديهاتك مرتضى منصور كده..
.كنت أعتقد أنها سامحتني على ما فعلته بها جراء توهاني...لكنها تلك الظالمة الحبيبة انتقمت بكل عنف مما فعلته بها طيلة السنين الماضية..المخطوطة كنت بقول فيها رأيي شعرا في الرجاله ولكن من باب المزاح...طبعا ...لكن هذا لم يشفع لي وقامت صديقة عمري بطعني طعنة نجلاء وعرضت المخطوطة على الملأ..أقول فيها إيه المفترية..بوظت برستيجي ..الناس كانوا يعتقدون اني عاقلة وكاملة...طار البرستيج بعدما قرأوا ما كتبته عنهم حسبي الله..وعلى راي الشاعر الدكتور علاء جانب ما اوجع الكف التي بها نثق وعلى رأي الممثل المخضرم حمدي غيث...كل أعوانك خانوك يا ريتشارد..