الجمعة 19 أبريل 2024 - 11:19 صباحاً
اختيارات القراء يومى شهرى
  • فيديوهات
تحية للقوات المسلحة والجيش الابيض والشرطة لمجابهة كورنا
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
مسجد الروضة ببئر العبد بعد تجديده
احداث انفجار مسجد العريش
أول صورة للمتهم بأكل أحشاء شقيقه
  • استطلاع رأى

هل تتوقع نجاح تجربة المدارس اليابانية؟

  نعم


  لا


نتائج
  • القائمة البريدية
ضع اميلك هنا
  • معجبى الفيس بوك
  • معجبى تويتر

الجمعيات الأهلية في معادلة التنمية (1)

الأربعاء 25 ديسمبر 2019 04:32:00 مساءً

بقلم: محمد ممدوح عبدالله*

تعرف منظمات المجتمع المدني بأنها المنظمات التي تشغل الفضاء الواقع بين الفرد والدولة، كما أنها المنظمات التي لاتقع ضمن الإشراف والتوجيه المباشر للدولة، لذا يطلق عليها المنظمات غير الحكومية، وإنما التي تعمل وفقا للقوانين المنظمة لها من قبل الدولة، مثل الشركات والنقابات والجمعيات الأهلية... الخ.
 
وتعرف الجمعيات الأهلية ايضا، بأنها منظمات غير ربحية تطوعية، تسعى إلى إحداث التوازن داخل المجتمع بين أولويات الدولة وأولويات المجتمعات المحلية، والتي قد لاترها أجهزة الدولة لعظم هياكلها الإدارية، أو لتركيزها على الأهداف الكلية للمجتمع، مما قد يؤدي إلى الوصول إلى خطط تنموية أكثر تلبية لاحتياجات المجتمع تشمل جميع فئاته، والوصول به إلى مجتمع العدالة والإنصاف الاجتماعي، وتحقيق الرفاه والحداثة، هذا بالإضافة إلى ما تسعى إليه تلك المنظمات من العمل على تعزيز مكانة الضعفاء والمهمشين داخل المجتمع، والعمل على استدامة عمليات التنمية وفقا للأهداف العليا للمجتمع.
 
 
وفي سعي تلك المنظمات - الجمعيات الأهلية - لتحقيق ذلك الهدف، ترتكز تلك المنظمات على منظومة قيمية تعلي من مكانة الإنسان، وتحافظ على كرامته، وتضمن حريته الشخصية، ما يجعلنا نؤكد على أن تلك المنظمات التطوعية تمارس دورا حيويا وهاما داخل المجتمع، من أجل تحقيق الاستقرار المجتمعي والمساهمة في تسريع التنمية لو أحسن استثمارها جيدا، فقدرتها على الوصول إلى الفئات الأولى بالرعاية والمهمشين، ومن ليس لديهم القدرة على الوصول للخدمات أو الفرص المجتمعية في أصغر وحدة إدارية، تتصف باليسر والمرونة أكبر من أدوات الأجهزة الحكومية، حيث أنها أكثر التصاقا بالمجتمع، ولديها من المرونة بما يسمح لها بسرعة التحرك وبأقل تكلفة. كما أن لديها القدرة على أن تعكس رؤى المجتمع واحتياجاته بشكل أكثر مصداقية من نظيراتها من المنظمات الأخرى.
 
هذا بالإضافة إلى أن فلسفة تواجد الجمعيات اﻷهلية داخل المجتمع، والأساليب التي تتبعها أثناء ممارستها لأدوارها، من أهم نتائجها تعزيز مفاهيم المواطنة، وقيم التطوع، وتحقيق مبدأ المشاركة المجتمعية، وبالتالي ربط الأفراد ودمجهم في العملية التنموية.
 
ولدور هذه الجمعيات الفاعل في المشاركة في إحداث التنمية على المستوى العالمي، جعل المنظمات الدولية تصنف المنظمات غير الحكومية ومنها الجمعيات الأهلية، كأحد أضلاع مثلث إدارة التنمية داخل المجتمع، حيث تعتبر الجمعيات الأهلية الضلع الثالث في عملية التنمية بجوار القطاعين العام والخاص، وجعلها الصوت الأكثر وضوحا للتعبير عن طموحات وآمال المجتمعات.
 
إن ممارسات الجمعيات الأهلية وفقا لفلسفة تواجدها، يجب أن تعبر عن المصالح العليا للمجتمع، وأن تعكس آمالة وطموحاته، وألا تتوقف مصالحها على فئة محددة، مثل الشركات أو النقابات التي تتوقف مصالحها غالبا عند المساهمين أو المنتسبين لها.
 
المتابع هنا لحالة الجمعيات الأهلية المصرية اليوم، وما أصاب بعضها من ضعف وتشوه للدور، يستدعي مننا كمهتمين بهذا القطاع الحيوي والهام لقضية التنمية، التوقف للحظات، والبحث عن أسباب ذلك التشوه، فقد تجاوز عدد الجمعيات الاهليه في مصر 56 ألف جمعية أهلية، وفقا للبيان المنشور من قبل وزارة التضامن الاجتماعي، وهو عدد لو استطعنا أن نحسن تنظيمة، واستثمارة وتوجيهه نحو عملية التنمية، لأحدث قيمة مضافة لعملية التنمية والمساهمة في تحقيق استدامتها، وهناك أمثلة كثيرة لبعض دول العالم، تدلل على مدى إسهام الجمعيات الأهلية في إحداث نقلة نوعية في تنمية تلك المجتمعات، كالهند وماليزيا، ففاعلية الجمعيات الأهلية يمكن أن يخلق مجتمع صحي وبيئة صالحه لتأهيل الكوادر البشرية، القادرة على قيادة المجتمع بوعي وإدراك، لجميع المعطيات والعوامل المؤثرة في إدارته.
 
ولكن بنظرة تحليلية سريعة للممارسات العملية للجمعيات الأهلية اليوم داخل المجتمع، وما تشير إليه الكثير من التقارير بأن ذلك القطاع يواجه مجموعة من اﻷزمات التي تحد من انطلاقة والتأثير داخل المجتمع بالشكل المأمول، ويأتي على رأس تلك الأزمات قضية التمويل وما يحيطه من إشكاليات، تعتبر من المدخلات الهامة في معادلة فاعلية الجمعيات الأهلية داخل المجتمع، ليس ذلك فقط ولكن أيضا افتقاد أغلب الجمعيات الأهلية لوجود استراتيجية إنمائية، وعدم تبنيها مبادئ الحكم الجيد في إدارتها، ما يؤثر على فاعليتها و أدائها المجتمعي بشكل كبير، كما يأتي أيضا ضعف قدرتها على جذب المتطوعين كأحد أهم المعطيات المؤثرة في فعاليتها، خاصة وأن أغلب تلك المنظمات تعاني من غياب الصف الثاني، في دولة تتصف بأن أكثر من 70٪ من سكانها ضمن فئة الشباب.
 
هذه مجموعة من الإشكاليات التي تواجه اليوم الجمعيات الأهلية على مستوي القدرات المؤسسية، والتي تشكل تحديا أمام أنطلاقها للمساهمة الحقيقية في عمليات التنمية. أما على مستوى التوجه وتحديد مسار العمل، فنتيجه لافتقاد أغلب القائمين عليها الرؤية التنموية، وكيفية إحداث فارق حقيقي في حياة المواطنين، أو لتوظيف المنظمة في تحقيق مصالح ومنافع شخصيةد أو ارتباط بعضها وهم قلة بأهداف ومصالح خارجية، ما يؤثر على مصدقيتها داخل المجتمع ولدي الدولة، وعلى قدرتها على تحقيق مساهمات حقيقية ملموسة في التنمية، وهو ما يتنافى مع فلسفة وجودها وأدوارها المجتمعية التي ترتكز أساسا على حماية الأهداف العليا للمجتمع، والحفاظ على الاستقرار المجتمعي أيضا.
 
وقد يرجع السبب الرئيس في حدوث ذلك التشوه في الممارسات، والتوجه إلي أن بعض الجمعيات الأهلية قد أصابها ما أصاب قطاعات كثيرة بالمجتمع المصري، من تشوه وضعف الموارد البشرية وشيوع مظاهر الفساد بأشكاله المختلفة، وهو ما يتطلب من جميع الأطراف المعنية تنمية الجمعيات الأهلية وتعظيم الاستفادة منها كأحد القطاعات الحيوية داخل المجتمع، البحث عن مخرج لتلك الأزمات، وليس بمحاولات التضييق عليها بتحجيم الدور، كسبيل للتخلص من آثار التشوه الذي أصاب البعض منها، ولكن يجب أن يكون المخرج هو محاولة تنظيم مجتمع الجمعيات الأهلية، وإعادة ترتيب أولوياته لاستثمار المنافع والقيمة المضافة لمساهماته التنموية، وخاصة في وقت أصبحت فيه تحديات التنمية تتصف بشدة التعقيد، مايجعل من الصعوبة أن يقوم طرف واحد داخل المجتمع بالتصدي لها، لكن ما تحتاجه هذه الجمعيات، الحشد المجتمعي لجميع اللاعبين داخل المجتمع المعني، وهو ما يمكن أن تقوم به الجمعيات الأهلية.
 
ومن هذا المنبر، نطلق دعوة لفتح باب الحوار داخل مجتمع الجمعيات الأهلية، للبحث في كيفية إعادة تنشيطها واستعادتها لدورها الإيجابي المؤثر في عملية التنمية، ودراسة سبل التخلص من التشوهات التي لحقت بذلك القطاع الهام والحيوي.
 
ولقد بدأت الدولة مؤخرا إعادة النظر في العلاقة بينها وبين الجمعيات الأهلية، بما أنها أحد الأطراف المهتمه باتخاذها خطوة إيجابية، وهي تحقيق التزامها الدستوري، والذي ينص على حرية التجمع، وتأسيس الجمعيات الأهلية بتعديل القانون المنظم للجمعيات والمؤسسات الأهلية، وإصدارها للقانون رقم 149 لسنه 2019، وبما يتوافق مع الدستور المصري ومع التزامات الدولة المصرية بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تنص على ذلك، وهو ما يعتبر خطوة على الطريق السليم، ونتمنى أن يلحقها خطوات أخرى في طريق بناء جسور الثقة والتعاون بينها وبين الدولة المصرية، وأن يتم فتح حوارا داخليا بين الجمعيات الأهلية بعضها البعض، للخروج بصيغة مقبولة لتنظيم العمل الأهلي المصري، على مستوى الدور، ومنظومة القيم، وأخلاقيات العمل الأهلي، والبحث في سبل التغلب عن نقص مصادر التمويل، وتنشيط التطوع داخلها كأحد العوامل المؤثرة في فاعلية الجمعيات الأهلية، واكتسابها المصداقية داخل المجتمع، واستثمار الحوافز، وما أتاحه القانون الجديد من مساحات للتحرك والمشاركة البناءة.