الخميس 28 مارس 2024 - 06:08 مساءً
اختيارات القراء يومى شهرى
  • فيديوهات
تحية للقوات المسلحة والجيش الابيض والشرطة لمجابهة كورنا
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
مسجد الروضة ببئر العبد بعد تجديده
احداث انفجار مسجد العريش
أول صورة للمتهم بأكل أحشاء شقيقه
  • استطلاع رأى

هل تتوقع نجاح تجربة المدارس اليابانية؟

  نعم


  لا


نتائج
  • القائمة البريدية
ضع اميلك هنا
  • معجبى الفيس بوك
  • معجبى تويتر

إحياء الإنسانية بين الظلمة والنور

الخميس 16 يناير 2020 08:56:00 صباحاً

بقلم : محمد ممدوح عبدالله

سيبقى الصراع قائما بين أهل النور - أهل الله - وأهل الظلمات - هم حلفاء الشيطان - حتى يوم القيامة، وهو صراع قديم منذ الخليقة ، فكلا منهم يحمل رسالة ويسعى لأن يبسطها، ليس على الخلقية فقط ، بل على الكون كله.
 
ففي الوقت الذي يسعى فيه أهل النور إلى إسعاد البشرية، وإعادتهم إلى اصل خلقهم، ببسط السلام والمحبه بينهم عبر مسيرة الإنسانية، وتحرير النفس الإنسانية من عبادة الشهوات و الاستغراق فيها، وفي اوهام المادية الخادعة، وتحقيق العبادة الخالصة لرب الأكوان اقرارا و قلبا والفوز بالسعادة الأبدية.
 
في ذلك الوقت وعبر مسيرة الانسانية و يسعى اهل الظلمات الى محاولة الانحراف بالانسانية، بعيدا عن المقاصد الإلهية ،و قذفهم في تيه اوهام المادية، والشهوات، نكاية و كرها لهم، والعمل علي القضاء على فطرتهم التي خلقهم الله عليها، بهدف منع تواصلهم مع السماء، التي منها يستمدون قوتهم الروحانية و مددهم لمواجهة اهل الظلمات وبالتالي ان تحقق الانسانية الخسران المبين.
 
والسؤال كيف لنا أن ندعم اهل النور وان نحقق مراد الله فينا كبشر للفلاح وتحقيق السعادة الأبدية ؟.....لن يتحقق ذلك الا باصلاح قلوبنا، فاتيانك بصالح الأعمال، بجوارحك وقلبك، يؤتيك بمدد من النور، يملأ قلبك و تحيا به روحك، فتتحرر من أسر شهواتك ، فتسمو وتعلو روحك ،فتصبح من الأحياء، فما مدد النور الا غذاء الروح مصداقا لقولة سبحانه وتعالي : "أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ".
 
عند ذلك، تتحرر روحك فتتعلق بالسماء ، ويصبح بينك وبين السماء عمودا من نور، فتتنزل بسببه الرحمات وتفتح لك خزائن المعارف واللطائف الإلهية ، فيخشع قلبك، فتصبح من المبصرين، فيتحقق فيك قولة سبحانه وتعالي " اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ" وبدوام ذلك يتحقق فيك قولة سبحانه : "الا من أتى الله بقلب سليم " فأعمالك الصالحه ماهي إلا سبيل لصلاح قلبك ، وعند صلاح قلبك تأتي يوم القيمة " يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمِ" ٠
 
ومع ازدياد المدد وامتلاء قلبك وزيادة تواصلك بقوة مع السماء تفيض منك الانوار في محيطك، وتتسع دائرة تأثيرك ، وتنتقل من مستقبل لمدد النور ، لان تصبح مركزا لنشر النور ، فيستمد منك الآخرون انوارهم لإحياء أرواحهم وقلوبهم ، وعند اذا تصبح عبدا ربانيا اذ قال للشئ كن فيكون، و بفيضك للانوار على محيطك فانت تدعم اهل النور وهم اهل الله فى رسالتهم، و محاربتهم لاهل الظلمات، بزيادة بسط النور وتحجيم الظلمات في محيطك.
 
والعكس بالعكس، فكلما تؤتي بجوارحك او بقلبك، اعمال غير صالحة، او مفسدة ، يخبو منك النور ويحل محله ظلمات، و بالإصرار عليها ، ينكمش النور في قلبك، حتى يختفي، ويتحقق فيك قولة سبحانه وتعالى "ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ"، فيمنع عنك مدد النور و ينقطع تواصلك مع السماء ، ويقف المدد ، فتفسد القلوب و الانفس، و يصبح الانسان عبدا شهوانيا لا يسجد قلبه الا لشيطان نفسه، وبموت قلبك تصبح من الأموات.
 
ومع مرور الوقت وثبات ذلك الحال يصبح القلب مركزا لنشر الظلمات في محيطة ، و يعضدت اهل الظلمات في رسالتهم و توجههم ، فيزيد من تمكينهم، فتشيع الظلمات وتتسع دائرتها ويصدق فيه قول سبحانه وتعالى : " كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون " فيصبح ضمن حلف الشيطان - ونعوذ بالله ان نكون منهم - وهو الحلف الذي اتي بجميع مأسي الانسانية عبر التاريخ وما زال يأتي بها ، فما شياطين الانس الا وأنهم قد اظلمت قلوبهم، فنزع عنها الخضوع والخشوع والتسليم لله، فعظمة الأنا فيها ، فقست فذهب عنها معاني الرحمة والمحبه والانسانية .
 
ومن هنا تأتي أهمية تكليفات الشرع والعبادات، فما سميت الصلاة بالصلاة الا لاقامة الصله بينك وبين السماء، فما العبادات التي فرضت الا لضمان الحد الأدنى من مدد النور الى قلبك ولنفسك لكي تبقي من الاحياء ، ام الوصول إلى مرحلة الاستغراق وان يغشاك مدد النور ،لن يأتي الا بان تصبح كل أفعالك من الله و لله، وان يتوافق ظاهرك و باطنك في الأعمال الصالحات.
 
و لتقريب المشهد امام القارئ، فهى حالة يمكن تشبيهها، بوظيفة محطات توليد الطاقة الكهربائية التي تختلف قوتها طبقا لقدرتها على توليد الكهرباء ، فبعضها يضئ مدن، وبعضها يضئ دول، وبعضها يضئ العالم، كالشمس تفيض باشعاتها ، فينتفع بها الناس و تضئ حياتهم.
 
ومثال الشموس حال و مقام سادتنا من الانبياء و الاولياء والصالحين ومن دونهم من اهل الله فهم شموس كون حياتنا، وما سمي العارفين بعارفين الا بسبب هذا المدد، وما كان لاصحاب رسول الله وال بيته الاطهار مقامهم ومكانتهم الا برؤيتهم لرسول الله ودخولهم في دائرة انواره والاستغراق و النهل من فيض علومه وأسراره، فهو صلوات الله علية وسلم الفيض الاكبر للنور من بني آدم ، ومازلت الدنيا تحيا في نوره منذ أن خلق صلوات الله علية وعلى ال بيته الاطهار "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ" وما الرحمة الانوره الذي يحي القلوب.
 
و لمكانة سادتنا من اهل الله و لقوة فيض نورهم ، لا ينقطع عنهم مدد النور أحياء و امواتا، وما ذلك الا رحمة للعالمين، فبتواجدهم بيننا باجسادهم الطاهرة او بارواحهم يفيضون علينا بانوارهم كالشموس، وبهم تزداد البركات و تتنزل علينا الرحمات، مصداقا لقولة "أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ"
 
اذا فلكل منا مقاما معلوم، قد يكون ذلك المقام في شجرة النور، والتي اعلاها مقاما سيدنا محمد صلوات الله علية ، او في شجرة الظلمات_نعوذ بالله من ذلك_ التي أعلاها ابليس لعنة الله عليه، فطبقا لدرجة مقامك تكون قوة فيضك في محيطك بالنور او بالظلمات، فانظر الي نفسك الي اي شجرة تنتمي وما مقامك فيها، حتى لا يتحقق فيك قولة سبحانه وتعالى" قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103)الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا"
 
فأوصي نفسي وإياكم بكثرة الذكر والصلاه على الحبيب وان نعمل على تقوية تواصلنا مع السماء بالسير الي الله ، أحياء لقلوبنا، ومحاربة لأهل الظلمات، بأن نمهد قلوبنا لاستقبال فيض الانوار المحمدية والتي هي من فيض نور الله" الله نور السموات والأرض "، فالطريق ليس بيسير سوف تقابلك صعاب في الطريق ولكنها لاختبار قلبك وما وعي و لتنقيته من الظلمات او لتثبيت مدد النور فيه "كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا".
 
فلنعمل على أحياء قلوبنا،بمد النور في محيطنا، نسعد في الدنيا والآخرة، فهذا هو مراد الله فينا، اللهم اخرجنا من الظلمات الى النور الى صراط العزيز الحميد .