الجمعة 19 أبريل 2024 - 07:48 صباحاً
اختيارات القراء يومى شهرى
  • فيديوهات
تحية للقوات المسلحة والجيش الابيض والشرطة لمجابهة كورنا
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
مسجد الروضة ببئر العبد بعد تجديده
احداث انفجار مسجد العريش
أول صورة للمتهم بأكل أحشاء شقيقه
  • استطلاع رأى

هل تتوقع نجاح تجربة المدارس اليابانية؟

  نعم


  لا


نتائج
  • القائمة البريدية
ضع اميلك هنا
  • معجبى الفيس بوك
  • معجبى تويتر

الوحش شكلاً أم مضمونا

الجمعة 03 أبريل 2020 05:04:00 مساءً

بقلم: الكاتب اللبناني سعد كمّوني

الوحش ليس شكلاً بل مضمونا .. هناك الكثير من الوحوش لها أشكال آدمية، ترجو أن يتم القضاء على أكبر عدد ممكن من الناس وبخاصة الشيوخ الذين كفّوا عن الإنتاج. هل هذه من الآثار المبكرة لـ "كورونا" ؟ أم أنّهم رأوا في كورونا مناسبةً سانحة لهذا التصريح كي يعطوا عنواناً صريحاً لمناهجهم في السياسة والإدارة والاجتماع والعلاقات الدوليّة؟؟ وكلا السؤالين لا ينفيان الوحشيّة والهمجيّة المقنّعة التي تخلّقَتْ في الطويّة، ونمت وترعرعت مع الزمن الليبرالي الذي أتاح كل الفرص للوحوش الكامنة تحت جلود عبيد المال والسلطة، وظلت تنمو إلى حدّ الوقاحة المقيتة، بينما ظلت مخنوقةً في قبضةِ السلطة غير الديمقراطية، تتوحش كي لا يتوحش الناس. بينما كان المتتبّعون للبحوث العلمية، ينتظرون خبراً ينطوي على بشرى باكتشاف ما يطيل العمر، أو يجدد الشباب، كان أباطرة المال النَّهمون وبعض السلطات الديمقراطية، يحلمون بما يقضي على كبار السنّ "عديمي الفائدة"؛ حرصاً على نموّ الأموال وزيادة الهيمنة على الشعوب ومقدراتها. هذا يريد للفايروس أن ينتشر ليبلغ مداه، ومن يمت يمت، ومن يعش يعش، وذاك يريد للأطباء أن يفاضلوا بين مريض وآخر، فلا يبذلوا جهداً في إنقاذ ستينيّ أو سبعينيّ.... وذاك يحول دون اكتشاف دواء رخيص لأنه لا يناسب أرباب الاحتكار، والعلامات المسجلة.... وهذه تقف بقوةٍ في وجه من يريد نهب بحوثها واختباراتها... إذن، ستنقشع هذه الجائحة عن وجهٍ جديد للعالم، عن تبدّلٍ في الطباع السياسيّة،والأخلاقية، والاجتماعية، والفكريّة و.... لم يعد القرار بيد أرباب السلطة، فالناس صفقت من بيوتها للممرضات والممرضين والطبيبات والأطباء والصليب الأحمر والدفاع المدني، بل أكثر من ذلك، حضرت وحدة عسكرية لتصطف أمام الجهاز الطبيّ وكلّ معاونيه، كي تؤدي التحيةَ العسكرية لهم، هذا أفضل مؤشرٍ على التغيّر، بل ربما يؤشر أن الناس تلقائياً سيرغبون عن سادتهم الذين فشلوا في التصدّي المادي والمعنوي لخطر داهم، وسيرغبون وربما باتوا في الالتفاف المعنوي حول من ينقذهم، أو يسعى بجد لإنقاذهم. أما هؤلاء المنشغلون بالنظر إلى جبلٍ يعصمهم من الطوفان، فلسان حالهم يقترب طوعاً أو كرهاً من الإقرار بأنه "لا عاصم اليوم من أمر الله". فكما غرق الذين رفضوا الامتثال لما يقتضيه الطوفان من إعداد واستعداد، ونجا الذين صنعوا السفينة لتحملهم فوق الماء؛ كذلك سيغرق المتنازعون اليوم على الحصص والمناصب والمغانم، وينجو من يتصدّى للجائحة بوعي وعلم وإصرار على الحياة. وكما تحوّلت امرأة لوط إلى تمثال من الملح كذلك سيكون من يرفض مغادرة الوراء. إن الذي يعاند الطبيعةَ بغير علم ولا سلطانٍ مبين، سيكون نصيبه هو نصيبه. ولا نقصد في الوراء أشكالاً سلوكيّة بل مواقف ضمنية تملي الاصطفاف مع اللواطيين أو الرافضين مبايعة نوحٍ لغيرة أو حسد أو من طبقة غير طبقاتهم. فالطائفيون ينبغي ألا يجدوا عقليةً طائفيةً بعد الجائحة، والنصابون ينبغي ألا يجدوا من يحتسب نصبهم وفسادهم شطارة. إنّ هؤلاء الذين تنازلوا عن شيء من أموالهم تبرعاً لمستشفيات وأطباء وممرضين وممرضات وعاملين في المجال الصحيّ، ما كانوا ليتنازلوا عن أموالهم لولا أنهم من داخلهم قد تغيروا، أو في طريق التغيّر الحتميّ. كأنما صناعةُ التاريخ ليست قرارا يتخذه فلان أو فلان، بل تأتي في غضون إكراهات يمكننا أن نسميها الظروف الموضوعية، فليذهب الذين يرفضون نوحا ومن معه إلى معاصمهم المزعومة، وكذلك من هو مسكون بالوراء إلى التملّح بانتظار مطر أو شمس.