الأربعاء 24 أبريل 2024 - 09:14 مساءً
اختيارات القراء يومى شهرى
  • فيديوهات
تحية للقوات المسلحة والجيش الابيض والشرطة لمجابهة كورنا
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
مسجد الروضة ببئر العبد بعد تجديده
احداث انفجار مسجد العريش
أول صورة للمتهم بأكل أحشاء شقيقه
  • استطلاع رأى

هل تتوقع نجاح تجربة المدارس اليابانية؟

  نعم


  لا


نتائج
  • القائمة البريدية
ضع اميلك هنا
  • معجبى الفيس بوك
  • معجبى تويتر

العلمانية .. مشروع دينى

الأربعاء 17 يونيو 2020 03:05:00 مساءً

بقلم: الكاتب والمفكر مؤمن الهبـاء

اجتهد العلمانيون العرب فى التدليس على شعوبهم فربطوا العلمانية بالعلم منتهزين التشابه بين المفردتين فى اللغة العربية ، وزعموا أن العلمانية لا علاقة لها بالدين بل تقف على الحياد تجاه الأديان ، ولم تكن لديهم الشجاعة الكافية ليبلغوا من الصدق مابلغ معلموهم فى الغرب الذين هاجموا الدين صراحة ، والسبب واضح بالطبع ، فالعلمانية نشأت ونمت فى البيئة الغربية المناسبة لها ، وبالتالى هى ليست غريبة على الإنسان الغربى ومجتمعه ، لكنها غريبة تماما علينا ، ومهممة من يزرعونها عندنا كمن يزرع قلب خنزير فى جسم إنسان . العلمانية ليست منجزا حضاريا ماديا محايدا كما يزعم دراويشها ، ليست سيارة نركبها دون أن تغيرعقيدتنا وشخصيتنا وبنياننا العقلى ، وإنما هى مشروع أيديولوجى متكامل ، وإن شئت الدقة فهى مشروع دينى ينسخ ماسبقه ويؤسس لدين جديد ، دين ملفق له قداسته وله كهنته الذين يبشرون بأنه سيحقق للبشرية السلام والأمن والحرية والديمقراطية والتقدم العلمى ، مع أن الواقع يشهد بأن العلمانية فى الغرب قادت العالم إلى حربين كونيتين حصدتا ملايين الأرواح ودمرت منجزات هائلة ، وأيقظت فى مجتمعاتها أبشع ألوان العنصرية والفاشية وأحقر نوازع الشر والتوحش ، ونزعت من الإنسان إنسانيته ، ووضعت العالم على شفا حرب كونية ثالثة لاتبقى ولا تذر . وبداية .. فالعلمانية ترجمة غير دقيقة ، بل غير صحيحة لكلمة " secularism " الإنجليزية التى تعنى " الدنيوية " ، ولا صلة للعلمانية ـ كما يعتقد كثيرون ـ بالعلم " science " ، ولا بالمذهب العلمى الذى يعرف بـ " scientism " ، ولا نسب لها كذلك بالعلم ، فالنسب إلى العلم فى الإنجليزية هو " scientific "، والترجمة الصحيحة لكلمة " secularism" هى كما قلت " الدنيوية " ، ولكن يبدو أن المترجمين الأوائل استصعبوا هذه الكلمة فأبدلوها إلى العلمانية نسبة إلى " العالم " ، ولذلك فهى تنطق صحيحة بفتح العين لابكسرها ، وهناك من ينطقها " العالمانية " . تقول دائرة المعارف البريطانية فى مادة " secularism " إنها " حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها ، وظل هذا الاتجاه يتطور باستمرار خلال التاريخ الحديث كله باعتبارها حركة مضادة للدين ومضادة للمسيحية " ، ويقول قاموس وبستر الجديد فى مادة " secular “ إنها الروح الدنيوية ، أو الاتجاهات الدنيوية التى تضع نظاما يرفض أى شكل من أشكال الإيمان والعبادة ، أما معجم أكسفورد فيقول إنها تعنى ماهو دنيوى ومادى وما ليس دينيا أو روحيا ، والرأى الذى يقول إنه لاينبغى أن يكون الدين أساسا للأخلاق والتربية . هذا على مستوى التعريف المعجمى ، أما على مستوى التطبيق العملى فقد أثبتت التجارب التاريخية منذ مصطفى كمال أتاتورك فى تركيا إلى دونالد ترامب فى أمريكا أن العلمانية ليست محايدة تجاه الدين ، وإنما هى مشروع دينى بامتياز ، يسعى لتدمير منظومة دينية قائمة وإنتاج منظومة أخرى تحل محلها ، وتوظف لصالح أهداف مموليها والقائمين عليها عقائديا وسياسيا واقتصاديا ، القضية ليست قضية ثقافة وفكر فقط ، وإنما تخليق دين عالمى يكون فيه الغرب هو القيادة والنموذج ، وبقية شعوب العالم تابعة له ومنضوية تحت لوائه ، نوع جديد من الاستعمار يناسب العصر، يستوطن العقول ثم يدخل منها إلى استعباد الشعوب واستنزاف الموارد ، إنها التطبيق الدينى للعولمة . لم تكن علمانية أتاتورورك محايدة تجاه الإسلام ، وإنما كانت حربا مخططة لاسئصال شأفته وتمييعه ليظهر بشكل جديد ترضى عنه أوروبا ، وتجعل منه نموذجا للإسلام الحديث الذى يجرى تعميمه ، وفى مصر تحارب العلمانية معركة عنيفة منذ بداية القرن العشرين لإقصاء الإسلام تحت شعارات التنويروالحداثة ونقد التراث والتجديد الدينى ، وارتبطت بحركة التغريب والتبعية للاستعمار، لكنها واجهت ومازالت تواجه مقاومة شرسة . وكلما مر الزمن اتضحت معالم العلمانية أكثر وتبلورت أهدافها بفضل الكهنة الجدد الذين تميزوا بغشامة ووقاحة ملم تكن عند أسلافهم ، فهم يهاجمون الإسلام ورموزه من الصحابة والأئمة الأربعة ويسخرون من السنة النبوية والشريعة والبخارى والكتب الصحاح ويشوهون التاريخ الإسلامى والفتوحات ويشككون فى الأزهر وشيخه وعلومه ومناهجه وعلمائه ، بل وصل الغرور ببعضهم إلى التطاول على صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم والتشكيك فى القرآن الكريم ، والهدف هو إسقاط الإسلام والتبشير بالدين العلمانى الجديد . فى 5 أغسطس 2016 نشرت " المصرى اليوم " مقالا لأحد دراويش العلمانية تحت عنوان " هل يغير المسلمون دينهم للمرة الرابعة ؟! " يمهد فيه لفكرة تحول المصريين عن دينهم " الذى لم يعد مناسبا للعصر " إلى دين آخر بعد أن تحولوا من قبل 3 مرات ، الأولى من دين آمون إلى دين إخناتون ، والثانية من إخناتون إلى المسيحية ، والثالثة إلى الإسلام . وكشفت الدكتورة منى أبو سنة أنها دعيت ذات مرة مع أستاذها د . مراد وهبة ـ عراب العلمانية فى مصر ـ إلى مؤتمر بأمريكا حول العلمانية والأصولية ، وعندما وصلت إلى مقر المؤتمر فوجئت بمؤتمر آخر فى القاعة المجاورة تنظمه إحدى أفرع الجيش الأمريكى ، لبحث قواعد الإسلام الجديد ، وهو ما أثار شكوكها ودفعها للانسحاب . الأمر جد لاهزل فيه ، ومشروع الدين العلمانى تقف وراءه وتموله دول ومؤسسات تختار وكلاءها بدقة ، وتوفر لهم الشهادات العلمية وتنفق عليهم بسخاء وتفتح منافذ الإعلام لتلميعهم ، ثم ترصد لهم الجوائز المجزية . المؤامرة كبيرة ، وليس لها من دون الله كاشفة .