"
مصر في رباط إلى يوم الدين: أمثلة على التآخي في شهر رمضان الكريم
كتب _جرجس نظير
تمر الأيام، بل السنوات، ويزداد اليأس في قلوب البشر، ويتنامى الإحساس بعدم جدوى العلاقات الإنسانية. لقد أصبحت الإنسانية ضحلة، فقيرة المشاعر، معدومة الإحساس. لم تعد تسودها البراغماتية فحسب، بل أصبح التعامل بين البشر قائماً على الافتراس. حتى البراغماتيون تخلوا عن قواعدهم، ولاذوا بمبدأ الافتراس، فصار التعامل مع الآخرين يشبه الخوض في الحمامات العامة، حيث تنتشر الأنانية، والجشع، والخداع، والخيانة، والانتهازية، والابتسامات الزائفة، والنفاق الرخيص. حتى النفاق نفسه لم يعد بأصوله، بل صار مزيفًا، بلاستيكيًا.
لم يعد الناس يجتمعون على مائدة الكلمات الطيبة، ولا يتشاركون الوفاء، ولا يتبادلون المودة، ولا يتعايشون في إخاء. فقد افتقدنا ذلك التوازن الذي يجعل كل فرد يعرف حدوده وواجباته، ويحترم وجود الآخرين، ويقدر رغباتهم، ويدعم طموحاتهم، ويعزز إحساسهم بالحياة.
ولكن، وسط هذا الصخب والضجيج، ترسل لنا الحياة أحيانًا ابتسامات تغيّر مجرى أيامنا، وتقودنا إلى محطات تهزم يأسنا، وترفع راية الإنسانية فوق جبال همومنا.
عن الدكتور جابر هاشم، النبيل، ابن مدينة دمنهور، أتحدث.
هذا الشخص النبيل، الذي صادفته وأسعدتني الأقدار بمعرفته، غيّر في داخلي الكثير، وأثبت لي أن اليأس لا مكان له في الحياة. مهما ضاقت الأيام، فلا بد أن نلتقي بأشخاص مثل "الجابر" الذي يجبر خواطر الناس بإنسانيته، ويهشم الحزن بداخلنا.
الدكتور جابر هاشم، أحد أبناء مدينة دمنهور، أو كما أسميها "مدينة زويل". فقد قال عنها العالم الجليل أحمد زويل ذات يوم: "يتمتع أهلها بروح متألقة مشرقة، تشع بالضياء من داخلها، فينعكس ذلك على صفاتهم، فهم أناس ودودون ومبتهجون."
صدقت يا دكتور أحمد زويل، رحمه الله. فهذا أقل ما يقال عن مدينة أنجبتك، وأنجبت الصديق الدكتور جابر هاشم.
لا أدّعي أنني أعرفه منذ سنوات، لكن هذا هو الإنجاز الحقيقي؛ فكيف لشخص أن يترك فيك كل هذه الصفات من المودة، والرقي، والتواضع، والسماحة، والإنسانية، والعطاء، وخدمة البشر في وقت قصير؟
كل التحية لك يا صديقي، فأنت مثال للإنسان اليوتيوبي، ومثال للمودة بين نسيج الوطن، وأنت دليل على أن مصر ستظل ولّادة بالخيرين ، وأن شعبها في رباط إلى يوم الدين.