الخميس 25 أبريل 2024 - 06:06 مساءً
اختيارات القراء يومى شهرى
  • فيديوهات
تحية للقوات المسلحة والجيش الابيض والشرطة لمجابهة كورنا
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
مسجد الروضة ببئر العبد بعد تجديده
احداث انفجار مسجد العريش
أول صورة للمتهم بأكل أحشاء شقيقه
  • استطلاع رأى

هل تتوقع نجاح تجربة المدارس اليابانية؟

  نعم


  لا


نتائج
  • القائمة البريدية
ضع اميلك هنا
  • معجبى الفيس بوك
  • معجبى تويتر

أنْ تنظُر إلى أعلى

السبت 03 يونيو 2017 06:02:25 صباحاًمشاهدات(1026)

 

(1)
 
كنتُ أتحدث مع الدكتور أحمد زويل فى ذلك المساء عن تلك الشهرة الواسعة التى حظيت بها مقولة الرئيس الأمريكى باراك أوباما.. «جرأة الأمل».
 
توقّف الدكتور زويل، ثم قال لى: حين زرتُ ماليزيا وفى أول لقاءٍ لى مع زعيمها الأشهر مهاتير محمد.. قلت له: لماذا قررت يا دكتور مهاتير أنْ تبنى فى العاصمة كوالالمبور أعلى ناطحة سحاب فى العالم.. والشعب يعانى من مشكلاتٍ عديدة.. ولم تصِل قدراتُ بلادِك إلى هذا التّرف الكبير؟.. ألمْ تخَفْ من غضبةِ الشعب الذى يعانى وهو يجد زعيمه ذاهباً إلى بناء أعلى ناطحة سحاب على وجه الأرض؟!
 
كنتُ متلهّفاً للغاية إلى سماعِ الإجابة.. وإلى طرح الرؤية.. وقد جاءت الإجابة فلسفةً كاملةً.. قال الدكتور مهاتير للدكتور زويل:
 
إن شعب ماليزيا الفقير كان ينظر إلى مشكلاته ويومياته.. وكان متعثّراً فى تفاصيله واحتياجاته.. كما أنّهُ كان يائساً من الصعود والانطلاق. وكان أقصى طموحه.. أن تمضى حياته السيئة كما هى، دون أنْ تتدهور إلى ما هو أسوأ!
 
وكان علىّ أن أرفع البصر.. وأن أرفع بَصَرَ الشعب كله إلى أعلى.. وهنا فكّرتُ فى بناء أعلى ناطحة سحاب فى العالم. إن الهدف منها أن ينظر كل سكان كوالالمبور إلى أعلى الناطحة.. فيظلون باستمرار رافعى الرأس.. ينظرون إلى السماء. وأنا مُدرك بالطبع.. أن النظر إلى أعلى «ماديّاً» سوف يؤدى مع الوقت إلى النظر إلى أعلى «معنوياً». وإن تأمّل ناطحة السحاب على نحو «بيولوجى» سوف يؤدى للنظر إلى أعلى على نحو «سيكولوجى». إننى ببساطة أردت أن ينظر شعبنا إلى «فوق».. وأن يتطلّع إلى «أعلى».. إنها ليست مجرد بناية شاهقة.. إنها «عمارة» و«رسالة».
 
إن ما قاله الدكتور مهاتير للدكتور زويل.. قريبٌ من مقولات الدكتور جمال حمدان فى «المبنى» و«المعنى».. وهو بذلك واحدٌ من كبار القادة فى «صناعة الأمل».
 
(2)
 
لقد تذكرتُ ذلك الحدث المهم.. وأنا أتابع الجديد فى «الطريق إلى المريخ». إنّ ما يجرى فى هذا السياق مدهشٌ ومبهرٌ.. بلا حدود.
 
إنّ الأخبار المتوالية التى تُصدرها «وكالة ناسا» لا تزال قادرة على إبهارنا كل يوم.. وإن سعى علماء الوكالة إلى تحويل كوكب المريخ إلى «كوكب سكنى».. وإقامة «حضارة المريخ» الموازية لـ«حضارة الأرض».. لا يتوقف عن إطلاق خيالنا وإصابتنا بالذهول.. على مدار الساعة.
 
ثمّة جهود أسطورية فى تطوير الصواريخ التى يمكنها قطع المسافة من الأرض إلى المريخ فى مدى زمنى محدود للغاية.. وثمّة جهود أخرى بشأن تطوير الإمكانات العلمية والفنية للرحلة إلى المريخ، بهدف الوصول إلى أن تكون الرحلة «منطقية» و«آمنة».
 
وتُمثّل الجهود -فائقة الخيال- فى «استراتيجية الزراعة على المريخ.. تعبيراً جادّاً عن «حالة العلم» فى العقد الثانى من القرن الحادى والعشرين.
 
لقد تمّت زراعة أول «زهرة» فى المحطة الفضائية الدولية.. ضمن تجارب الغزو الزراعى للفضاء.. ثم تمت تجارب زراعية عديدة على أنواعٍ من التربة البركانيّة التى تشبه تربة المريخ. ولقد وصلت الإثارة العلمية فى هذا الصدد إلى أقصى مدى لها فى تفكير العلماء بشأن توفير المياه على كوكب المريخ.. حيث جرى مؤخراً طرح فكرة صادمة.. وهى ضرب الكوكب بجزء من كويكب صغير من أجل كسر سطح المريخ واستخراج المياه من الجليد القابع تحت السطح!
 
يفكر العلماء فى التالى: أولاً.. توجيه مركبة فضائية نحو كويكب صغير. ثانياً.. كسر جزء من الكويكب الصغير ثم توجيهه نحو سطح المريخ. ثالثاً.. ينتج عن الاصطدام ذوبان الجليد فى الجزء الواقع تحت سطح التربة. رابعاً.. تنشأ بحيرة صناعية وتبقى بعد نشأتها لآلافِ السنين. خامساً.. الزراعة فى تربة المريخ من المياه الجديدة. سادساً.. بناء مساكن المريخ على ضفاف البحيرة.
 
(3)
 
لم ينتهِ ذهولنا بعد.. إذا كان السؤال: كيف سيتم بناء «مساكن المريخ» على ضفاف البحيرة الصناعية؟!.. فإن الإجابة قد جاءت من جامعة كاليفورنيا.. حيث نجح فريق علمى فى الجامعة فى «صناعة طوب» من تربة أرضية تشبه تربة المريخ.. دون الحاجة إلى تسخين للمواد المستخدمة فى صناعة الطوب. يصل طول الطوبة الجديدة أو «الطوبة المريخية» إلى ثلاثة سنتيمترات تقريباً.. لكنها قوية للغاية.. ويمكن صناعتها بسهولة من تربة المريخ.. لبناء المنازل والمصانع.. للإقامة الدائمة فى الكوكب الجديد!
 
يقول علماء صناعة الطوب المريخى: أردنا أن نساعد الأبطال الذين ستكون لهم الريادة فى غزو المريخ والحياة عليه.
 
(4)
 
إنّ علوم الفضاء تدفع الإنسان للنظر إلى أعلى.. إنّ ما أراده «مهاتير» من ناطحة سحاب لتغيير سلوك الشعب وخلق روح الأمل.. تصنعه فيزياء الكون كل يوم. وربما أرى.. أنّه من الضرورى أن يقرأ الإنسان باستمرار فى علوم الطبيعة وبحوث الفضاء.. حتى يستطيع ضبط الرؤية.. عُمقاً واتساعاً، وحتى يدرك فلسفة الحياة بالأبعاد الطبيعية.
 
ليس من الحكمة أن يعيش الإنسان ثم يمضى.. دون أن يُدرك حقائق العلم الذى أحاط به.. أو حقائق العالم الذى عاش فيه.
 
حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر.