جميعنا شاهد شخصية "عبده مشتاق " في مسلسل ناس وناس للكاتب المبدع احمد رجب ، فهو نموذج لشخصية متسلقة تشعر بالنقص بداخلها تحلم بالوصول إلى السلطة ، فيصل ليله بنهاره بجانب هاتفه في انتظار المكالمة الموعودة التي تبشره باختياره في الوزارة او الادارة الجديدة ، فيحاول بكل أشكال النفاق والرياء أن يصل إلى هدفه ، بل أيضاً بوقاحته ووضاعة أصله يتعمد تحقير الآخرين والتصغير من شأنهم والتقليل من انجازاتهم ، بل والقاء التهم عليهم ومحاولة التشكيك في نزاهتهم ؛ لمحاولة سد النقص الشديد الموجود في شخصيته والذي يؤلمه دائماً ؛ وإرضاء نفسه المريضة ، من جرحها الناجم عن فشله في اغتصاب أي سلطة أو كيان من أصحابه وضمه إلى حيازته ، تلك الشخصية التي ابتكرها الراحل أحمد رجب ورسمها الفنان الراحل مصطفى حسين.
فكلما سمع "عبده مشتاق"، عن وجود تعديل وزاري ، أو تعديلا في هيكل أي إدارة ، يحلم بأن يصبح له نصيب فيه ، ويقوم بنشر سيرته الذاتيه ، فهو حاصل على دكتوراه في قيادة الشعوب ، من جامعة هارفارد ، ومحلل إقتصادي ومفكر سياسي وخبير استراتيجي .
هذا ويساعده في هذيانه ونشر اكاذيبه ، جمله الرنانة وكلماته الجوفاء التي يخدع بها حاشيته من البلهاء والسفهاء والمبخراتيه الذين يصحبهم معه كالقطيع ، فهو يستمد كيانه ويشعر بوجوده واهميته من التفافهم حوله ، بعدما انكشفت حقيقته الوضيعه أمام العقلاء ، فيذكرنا بقوله تعالى : ( فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين ) ، اي استجهل قومه حيث وجدهم جهلة أغبياء ، أهل طيش ورعونة وعدم تفكر في الأمور، فضحك عليهم بكلامه ، وأطاعوه لخفة أحلامهم وقلة عقولهم وضيق تفكيرهم ، فلا يوافق على الفساد إلا المنتفع به ، فنجد إلى جانبه دائماً شخصية الكحيت ذلك الصعلوك الذي يدعي الثقافة ويتباهى بقراءة المواقع الإلكترونية والصحف اليومية ، متحدثاً عن ما بها بلا أي تعقل أو تدبر ، متحدثا عن المثقفين والاغنياء متباهيا بما ليس عنده يلتقط لهم الصور مع عبده مشتاق ، متمنياً أن يكون واحدًا منهم ويتحدث كأنه منهم .
هذا الى جانب بعض الشخصيات المستحدثة التي نتجت لتواكب عصرنا الذي فسد فيه الذوق العام ، وظهر فيه الرويبضة والسفيه ليتصدروا المشهد وخاصة بعد ثورة يناير ؛ لتتماشى مع مصالح عبده مشتاق ، كشخصية الأكول صاحب الكرش الذي يبحث عن الطعام والولائم ويأكل على جميع الموائد أينما كانت ، ومعهم البخيل الذي يحسب ساعات عمره التي يقضيها خارج منزله كم تساوي بالمال ، ونجد الكسول الذي نضب فنه واصابته الشيخوخة فتوقف عن الإبداع والتجديد يحمل في مخلاته أعماله البالية أينما ذهب ، إلى جانب الدميم الساذج محدود العقل و التفكير ، نجده دوما يفسح الطريق أمام عبده مشتاق يدعوه في جميع المنتديات والمناسبات يتراقص حوله ويهتز كالمهرج ، يظن بذلك أنه سيمده بالدفء والبريق في المجتمع ، إلى جانب بعض الجواري اللاتي لا محل لهن من الإعراب نجدهم يلازمن عبده مشتاق في جولاته لزوم الوجاهه واللذي منه ، بالإضافة إلى بعض الفئران المنتمين للجماعات المحظورة من يعتقدون انه سيؤمن لهم الحماية المزعومه باتصالاته ونفوذه .
فنجد في النهاية شرذمة من الضعفاء السفهاء لايعلمون أن عبده مشتاق أضعف منهم ، ولا يعلم أحدا منهم ما هو عمل عبده مشتاق الحقيقي ، ويظن هو انهم يسترون عورته عن أعين الناس ، ولا يعلم أن من بينهم شخصية" عباس العرسة " الذي يتبنى أراءه دائماً ، ثم ينتقدها ويتندر بقصصه ويغتابه ويصفه بأبشع الصفات من خلفه .
فترى متى سيفيق المجتمع ويرصد كل عبده مشتاق وحاشيته المريضة ؛ لينير عالمنا بالعلم والإبداع ، ويأخذ كل ذي حق حقه .