الجمعة 19 أبريل 2024 - 01:14 مساءً
اختيارات القراء يومى شهرى
  • فيديوهات
تحية للقوات المسلحة والجيش الابيض والشرطة لمجابهة كورنا
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
مسجد الروضة ببئر العبد بعد تجديده
احداث انفجار مسجد العريش
أول صورة للمتهم بأكل أحشاء شقيقه
  • استطلاع رأى

هل تتوقع نجاح تجربة المدارس اليابانية؟

  نعم


  لا


نتائج
  • القائمة البريدية
ضع اميلك هنا
  • معجبى الفيس بوك
  • معجبى تويتر

المجتمع حزمة من الأفراد يشد بعضها إلى البعض

الجمعة 01 يوليو 2016 12:18:10 مساءًمشاهدات(1501)
لم تشهد من قبل مجتمعاتنا هذا التنافر والتناحر والتناقض وسواء الأخلاق وعدم الصبر على الآخر، وزعزة واستقرار أمننا ووطننا، إن المجتمع بأثره حزمة من الأفراد بمختلف أجناسها ودياناتها تتمثل في رباط واحد قائم. وكل هذه العرى تنشأ أولاً وآخراً من مشاعر الناس والنفوس، واختيارها الحر، لا، بل الأمر أعظم من مجرد اختيار، إنه الرغبة المتأصلة والأصيلة العاقلة الدائمة في أن يسلم الفرد في المجتمع مع الآخرين في إقامة مجتمع يعيش ويتعايش فيه.
... فالمجتمعات ليست سواء في دعائمها، لأن ما يكون بواعث التجمع يختلف من قُطر إلى قُطر. فقد يخطئ الإنسان الذي يعد اللغة من دعائم المجتمع مثلاً في إحدى الدول الأوروبية لأن هذه البلاد تنتشر فيها عدة لغات، وعندما نتحدث عن مجتمعاتنا التي تتكون من عناصر وتعتمد في إطراح الإسلام منها، فنحن مخطئون علمياً وفكرياً وسياسياً وإجتماعياً، وذلك لأن العروبة لم تنفخ فيها الروح، وتبرز إلى الحياة العالمية إلا مع الإسلام، أما قبل ذلك فوجودها الأدبي كان صفراً، فالركن الأساسي للقومية العربية ولعروبتنا هو التاريخ المشترك والأهداف والمصالح والمصير المشترك، لأن التاريخ حمل صورة واحدة ومر على أدوار واحدة وصيغ هذا الوطن بصيغة واحدة منذ فجر الإسلام حتى الآن.
... فعندما ننادي بالقومية في مجتمعاتنا نحتاج إلى رباط يشق طريقه إلى المستقبل في بناء المجتمع العربي. فالدعائم العامة لشتى المجتمعات هي اللغة والجنس والبيئة الجغرافية والتاريخ المشترك والدين والمصالح والآمال المترابطة والمتحدة. ففقدان أي عنصر من هذه العناصر لا يقيم مجتمعاً له كيانه وخواصه، فلابد من توافرها كلها أو توفر أغلبها.
المجتمع بطبعه يتطبع ويتطلع للمرء بخلق خاص في معاملاته، وبرغبة في إلتزام طرق الرباط في الحياة الاجتماعية التي تتجلى في إطاعة الحاكم بعد تفاهم مشترك بينهما. فأرجاء الوطن العربي يكمل بعضه بعضاً وتؤلفه مجموعات مترابطة متناسقة التي بها تنجح بسبب ذلك الرباط. فالبشر يألفون أرضهم على ما فيها وبها، ولو كانت قفراً مستوحشاً، وحب الوطن هنا هو غريزة متأصلة في النفوس تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه وعليه، ويحن إليه إذا غاب عنه وبعد، ويدفع عنه إذا هوجم، ويغضب له إذا انتقص، فالوطنية بهذا الوصف ليست شئ غريب ولا غير مستغرب. فالحنين للوطن والمجتمع والولاء لترابه، والتفاني فيه والعمل به هذا كله من منبع الضمير الوطني الخالص، فالأرض اهتزت بشرائع الدين، وحضارة أمة، فالإرتباط هناك دلالته ومغزاه.
... لا ريب أن المجتمع العربي الآن قد ازدهر بالنزعة الإنسانية النبيلة قدر المستطاع وأفاد منها أجل الفائدة وذلك لأن أمتنا لا تتخلى عن رسالتها الإنسانية الكبيرة، ولا تحب أن يطالبها أحد بنسيان تلك الرسالة، ولا أن يختلها أحد عنها بالعناوين المضللة.
... إن الوحدة والترابط داخل المجتمع تعتبر سمواً بالإنسانية إلى مستوى العالمية الرفيع، ذلك المستوى الذي ينادي به قادة الرأي السديد، ويحلم به زعماء الإصلاح، ويهتف به الفلاسفة الدعاة إلى غد أسعد، وعالم أفضل فقد كانت تلك الوحدة عاملاً من عوامل التجمع والتكتل والتقارب وعنصراً من عناصر التفاهم والتقايد، وسبيلاً إلى أخوة المجتمع الواحد أخوة في الروح.. إنما أخوة روحية أخوة الدم والنسب، لأنها أخوة قائمة على دعائم من العقل والمنطق، مستندة إلى مدد من الرأي والفكر والتفاهم المستنير، مستجيبة لهواتف الوجدان، مستهدفة للمثل العليا للحياة والمجتمع في الحياة التي هي الضامن والتعاون والسلام.
... لا شك أن الظواهر تبث من إصلاح الفرد ويكون عنوانها صحة الضمير وواقعنا يتحدث عن مسئولية كل فرد في المجتمع ودوره في انتشال الآراء المغلوطة والفكر الهدام من البحر الهائج المائج لتلك الأفكار والمعتقدات والتصورات التي تتعارض مع أفكار وتصورات المجتمع الأصيلة لإعادته إلى عهد مجده وسيادته، فالمجتمع إنشاء كوردة جميلة يحبها كل الناس فلا سلامة لها ولا صيانة إذا كان يحوم حولها الشوك الذي يصونها من الأيدي الخبيثة العابثة المخربة، فلو انحرف هذا الشوك عن فطرته إذا فلا بقاء لهذه الوردة. 
فنحن أصبحنا في حاجة ماسة ضرورية ملحة إلى تعاون وثيق متبادل أكثر، وثقة لا غنى عنهما لأي مجتمع وبلد يريد التقدم والأكتفاء الذاتي لنفسه والتخلص من الفكر الهدام لبناء مجتمع صالح.
علينا أن ننشئ مجتمع نموذجياً مثالياً، مجتمعاً خلقياً، فيجب أن نزيل كل الخلافات بين الطوائف الدينية والتنافر بين أفراد المجتمع الواحد والتناقض بيننا والفساد المنتشر وضعف الأخلاق والإخلال بالواجبات التي تربطنا بوطننا ومجتمعاتنا. علينا أن ننشئ بيئة صالحة تجمع كل الوحدات المتنافرة فتكون حياة واحدة لا مقسمة تقود بلادنا ومجتمعاتنا إلى التماسك بعروبتنا الأصيلة وبترابط أيدينا المتأصلة، فالمسئولية ترجع علينا جميعاً فلابد أن يسود بيننا الاحترام المتأدب والتواضع الذي يرفع والبساطة في العلاقات بيننا، والمشاعر الجديدة التي تصل بنا إلى قمة الإنسان العربي، فعلينا أن نسعى كلنا حابين ومتحابين ومتصالحين إلى هذا المجتمع المترابط حتى تسعى إلينا هائجة كل الشعوب والمجتمعات الأخرى.