الجمعة 19 أبريل 2024 - 09:18 صباحاً
اختيارات القراء يومى شهرى
  • فيديوهات
تحية للقوات المسلحة والجيش الابيض والشرطة لمجابهة كورنا
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
مسجد الروضة ببئر العبد بعد تجديده
احداث انفجار مسجد العريش
أول صورة للمتهم بأكل أحشاء شقيقه
  • استطلاع رأى

هل تتوقع نجاح تجربة المدارس اليابانية؟

  نعم


  لا


نتائج
  • القائمة البريدية
ضع اميلك هنا
  • معجبى الفيس بوك
  • معجبى تويتر

أوروبا الجديدة

الأربعاء 28 ديسمبر 2016 01:56:16 مساءًمشاهدات(945)

 

فى السبعينيات قال وزير الخارجية الأمريكى هنرى كيسنجر: «بِمَنْ أتصل هاتفيًا إذا أردتُ أن أخاطب أوروبا ؟!»
وفى التسعينيات وصف وزير الدفاع الأمريكى دونالد رامسفيلد الموقف الاستقلالى لألمانيا وفرنسا.. بأنهما يتحدّثان «من الماضى».. وأن أوروبا القديمة قد انتهتْ.
 
واليوم تعود أوروبا القديمة بملامح جديدة.. وسط تحوّلات عالمية كبرى.. لتطرح على علم السياسة تساؤلات عديدة: هل يشهد التاريخ العالمى «خريف أوروبا».. أم أن أوروبا الجديدة قد تنجح فى استعادة المجد الإمبراطورى الذى أَنْهَتْهُ القوتان العظميان؟
 
ثمّة سبعة مشاهد يمكن رصْدها فى هذا السياق.. ربما تضىء على بعضٍ ممّا يجرى فى القارة العجوز.
 
المشهد الأول.. أوروبا والإسلام
 
يمثل الإسلام مكوِّنا أساسيا فى صياغة «أوروبا الجديدة».. فى حين أنه لم يكن كذلك فى صياغة «أوروبا الحديثة».. كان الإسلام بعيدا عن أوروبا، وكانت أوروبا بعيدة عن الإسلام وهى تؤسس عصر الحداثة الأوروبى.. الآن تغيّر المشهد.
 
ويذكر المؤرخ الأمريكى روبرت كابلان، فى مقال كتبه فى مجلة «أتلانتك» فى مايو 2016، أن أوروبا الآن لديها هويّة جديدة مختلفة تماما عن «أوروبا الحديثة».. حيث تشكلّت «أوروبا الحديثة» من لحظة الانفصال مع العالم الإسلامى. لكن «أوروبا الجديدة» أصبح الإسلام مكوّنا ثابتا فيها.. وجزءا أساسيا من عملية «صناعة أوروبا».
 
كان الوعى الأوروبى قد تم بناؤه على أساس الاختلاف عن المجال الإسلامى.. لكن الوعى الأوروبى الآن يقوم على أن الإسلام جزء من المجال الأوروبى وهويّة القارة.
 
المشهد الثانى.. تقسيم الغرب
 
يبدو الآن وكأن مقولة كيبلينج: «الغرب غرب والشرق شرق.. لن يلتقيا»، قد جاءت عليها مقولة جديدة: «الغرب ليس غربا واحدا.. أوروبا أوروبا وأمريكا أمريكا.. ولن يلتقيا»!
 
إن المسافة داخل الغرب بين أوروبا التى تزداد «أوربة» وأمريكا التى تزداد «أمركة».. تزيد كثيرا عن أىّ وقت مضى.. ولقد تحدث الرئيس ترامب عن عدم إيمانه بالدفاع المجانى عن العالم بما فيه أوروبا، وأبدى ازدراء واضحا لحلف الناتو الذى يجمع الولايات المتحدة مع أوروبا فى حلف عسكرى واحد.
 
من جانبهما، تعمل ألمانيا وفرنسا على تأسيس «جيش أوروبى» ليس جزءًا من المنظومة العسكرية الأمريكية.. فى سياسة استقلالية واضحة.
 
المشهد الثالث.. اتساع المسافة بين أوروبا وبريطانيا
 
فى عام 1967 التقى الرئيس الفرنسى شارل ديجول بنحو ألف دبلوماسى فرنسى فى قصر الإليزيه.. وحذّر من بريطانيا وموقفها من أوروبا قائلاً: «إن بريطانيا تمتلك كراهية تاريخية للكيانات الأوروبية.. وإذا تمّ فرض بريطانيا داخل السوق الأوروبية المشتركة فسيتمّ تحطيم المشروع الوحدوى الأوروبى فى النهاية».
 
وفى عام 2016 خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبى.. وسط رهانٍ بتصدّع أوروبا بعد خروج بريطانيا.
 
المشهد الرابع.. أوروبا العظمى
 
فى عام 2003 تحالف الزعيمان الفرنسى والألمانى، شيراك وشرودر، فى إطار نزعة استقلالية عن الولايات المتحدة فى حرب غزو العراق.. وهو ما جرّ عليهما وصف رامسفيلد «أوروبا القديمة».
 
لكن هذا التحالف توثق فى عهد ميركل وأولاند.. وباتت بعض الكتابات تتحدث عن «الدولة الأوروبية العظمى».. أو الدولة السوبر فى أوروبا والتى تقوم على تحالف ألمانى- فرنسى يقود أوروبا.
 
لقد خاضت الدولتان ثلاث حروبٍ قاريّة كبرى.. لكنهما الآن تدركان أن واشنطن لا يمكنها إنقاذ أوروبا إذا وقعت مأساة بالقارة أو تعرضت لهجوم من روسيا.. لذلك فإن الهدف بات البحث عن استراتيجية لحماية أوروبا دون الحاجة لأمريكا.. أى أن تتحول أوروبا إلى قوة عظمى قادرة على حماية نفسها دون مظلة القوة العظمى الأمريكية.
 
المشهد الخامس.. أوراسيا
 
ثمّة تيارٌ أوروبى يتحدّث عن تحالفٍ لا صدامٍ مع روسيا، وأنّه على أوروبا ألاّ تنجرِف إلى الصراع الروسى- البريطانى الذى يشتدُّ يوما بعد يوم.. وأنه يمكن التحالف بين أوروبا الجديدة، بقيادة ألمانيا وفرنسا، مع روسيا لتأسيس تحالف «أوراسيا».. على أساس التعاون لا الصراع بين القوتيْن.
 
المشهد السادس.. طريق آخر إلى روسيا
 
لقد توّلد قلق لدى واشنطن من احتمالات عدم التعاون الألمانى- الفرنسى مع أمريكا.. احتمالات أن تعود أوروبا إلى حقبة ما قبل الحرب العالمية الأولى، حيث هيمنة ألمانيا على القارة.
 
هنا بدأت واشنطن توثق علاقاتها مع اسكندنافيا واستقطاب السويد وفنلندا للناتو.. وذلك للاقتراب جغرافيًا من روسيا دون الحاجة إلى ألمانيا وفرنسا.
 
المشهد السابع.. أوروبا الشرقية بعد الربيع
 
كان رامسفيلد يقول «أوروبا تتجه شرقا».. أى أن أوروبا القديمة، وهى أوروبا الغربية، قد انتهت، وأن أوروبا الجديدة هى أوروبا الشرقية.
 
لا تبدو الصورة الآن كذلك.. فزعماء التشيك وبولندا والمجر اتخذوا مواقف ضد الإدارة الأمريكية فى عهد أوباما. أبدى رئيس التشيك إعجابه بالرئيس بوتين، وهاجم زعيم بولندا الرئيس الأمريكى الأسبق، بيل كلينتون، وطالب بفحص قواه العقلية.. أما زعيم المجر فقد انتقد كلينتون والمنظومة الأمريكية، حيث وصف بيل كلينتون بأنه مثل قادة الحزب الديمقراطى فى «إمبراطورية الظل» التى يسيطر عليها الملياردير اليهودى ذو الأصل المجرى «سورس».. وهو ما دعا إحدى الصحف للقول: «إن زعيم المجر يرى أن الحزب الحاكم فى أمريكا يسيطر عليه اليهود.. وأن بيل كلينتون شخص متخلف عقليًّا»!
 
تلكم مشاهد سبعة تشكل- فى تقديرى- ملامح «أوروبا الجديدة».
 
حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر