الأربعاء 15 مايو 2024 - 07:16 صباحاً
اختيارات القراء يومى شهرى
  • فيديوهات
تحية للقوات المسلحة والجيش الابيض والشرطة لمجابهة كورنا
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
مسجد الروضة ببئر العبد بعد تجديده
احداث انفجار مسجد العريش
أول صورة للمتهم بأكل أحشاء شقيقه
  • استطلاع رأى

هل تتوقع نجاح تجربة المدارس اليابانية؟

  نعم


  لا


نتائج
  • القائمة البريدية
ضع اميلك هنا
  • معجبى الفيس بوك
  • معجبى تويتر

طه حسين .. قاهر الظلام

الجمعة 19 أغسطس 2016 06:46:00 مساءً

كتب: أمل محمد _ محمد عبدالقادر
ان كان يستحق الاعجاب من نبغ والظروف مواتيه له ، مما يسر له ان يشق طريقه نحو التفوق فأولى بالاعجاب من ينبغ و الظروف له معاكسه ، ليس فقط من ناحية الثروه و النفوذ و الحسب و النسب ولكنه كان فاقداً لنعمة البصر ، و استطاع بعزيمته وارادته القويه قهر الصعاب ، و ان يثبت ان محنته كانت سبلاً من اسباب عظمته ، انه طه حسين الذى استطاع قهر الظلام ، و تمرس على ان تكون بصيرته عوضاً عن بصره ، فوهبته رحمة الرحمن قدراً اكبر مما حمله القدر ، فأعطاه الله تعالى ذلك الضوء الفكرى لبصيرته ، و اغناه بذاكرته حتى تحقق فيه المثل الشائع "الغين تسمع و الأذن ترى" فشق رحلة حياته متحدياً الصعاب و العقبات حتى استطاع ان يحفر لنفسه بذلك موضعا بين كبار عظماء مصر ، و اصبح علامه بارزه مميزه و شاهداً على عصر ثقافى وادبى هو أحد صناعه .
ومن خلال صالون الشرق الثقافى كانت ندوه نقاشيه دارت حول طه حسين ، النشأه ، و منهجه فى التفكير ، و سفره الى فرنسا ، ثم زواجه ، وحتى وفاته .
طه حسين يتحدى القدر :
وعن نشأه وكفاح طه حسين ، السابع فى ترتيب اخوته ابن الموظف فى شركه السكر ولد في ١٤ نوفمبر ١٨٨٩ وعاش في منطقة تسمى عزبة الكيلو تبعد ١٠ كيلو متر عن محافظة المينا صعيد مصر ، وفقد بصره وعمره ٣ سنوات بسبب رمد في عينه فعالجه الحلاق بطريقة خاطئة اودت بعينيه كلها ، ففقد البصر بسبب الجهل والتخلف ، وربما كانت تلك العاهة انطلاقه لولادة انسان لم ينسه التاريخ والعالم .
طه حسين بين الجامعه و الازهر :
التحق بكُتاب القرية، وتميز كواحد من الطلاب الأذكياء فى حفظ وفهم الدروس المختلفة ، وحرص على الاستماع لقصص الأنبياء والفتوحات ، واتقن تجويد القرآن الكريم ، وحفظه كاملاً وهو بعمر السبع سنوات ، وفي عمر الأربعة عشر عاماً غادر قريته .
توجه طه حسين إلى القاهرة للدراسة في الأزهر ولكنه بدأ حياته بالتمرد على شيوخ الأزهر وعلى مناهج التعليم فيه ، ولقد حال شيوخ الأزهر بين طه حسين وبين النجاح في امتحان شهادة العالمية ، فغادر الأزهر مطرودا ومغضوبا عليه .
وفي العام الذي طرد فيه من الازهر التحق بالجامعة المصرية ، ودرس فيها الحضارة الإسلامية ، والمصرية ، والفلسفة ، والأدب ، وعمل على إعداد رسالته فى الدكتوراه ، ليكون أول طالب يحصل على هذه الدرجة من الجامعة المصرية، وتقدم بطلب لإكمال دراساته العُليا فى فرنسا ، والتحق بجامعة مونبلييه ، ومن ثم أكمل دراسته في جامعة باريس ، ليحصل على درجة ثانية من الدكتوراه .
زواج طه حسين :
و اتجه مغيث الى الحديث عن زواج طه حسين و قال أثناء دراسته فى فرنسا تعرف على آنسة فرنسية تدعى "سوزان بريسو" ، وكان اللقاء الأول بين الحبيبين طه حسين وسوزان بريستو فى مدينة مونبيليه الفرنسية ، وكانت تقرأ له الأشعار والأدب وتساعده ، إلا أنه وقع فى غرامها وطلب منها الزواج . بعد رفض اهلها أبلغت سوزان عائلتها أنها تريد الزواج من طه حسين ، و قالوا "كيف هذا تتزوجى من غريب وأعمى ، بالإضافة إلى أنه مسلم! " و كانوا مصدومين من زواجها منه . ولكنها عندما أحبته لم تكن تنظر له على أنه كفيف بل أنه شخصية عظيمة ومرموقة تستحق الحب عن جدارة ، كانت ترافقه فى بلاد النور والثقافة العاصمة الباريسية ، ولكن فى النهايه تزوجا وظلت مع زوجها عميد الأدب العربى طه حسين خلال رحلة حب ممتده لـ 56 عاما حتى وفاته وقد كانت ساعدته كثيراً في اللغات ، والاطّلاع على العديد من العلوم، وقد أحبها كثيراً وقال فيها : (منذ أن سمعت صوتها، لم يعرف قلبى الألم) ، وانجبت له ابناً يدعى مؤنس ، وابنة تدعى أمينة.
وظائف طه حسين:
و أكمل مغيث قائلاً بعد أن أنهى دراسته في فرنسا عاد إلى مصر ، وعمل أستاذاً للأدب العربى فى الجامعة المصرية ، ومن ثم عُين عميداً لكلية الآداب فيها ، ونتيجة لبعض المشكلات التى واجهها أُحيل للتقاعد ، وعمل على تحرير جريدة ( الوادى ) ، ولكنه عاد مجدداً للعمل كعميد للكلية ، وعمل في وزارة المعارف المصرية ، ثم عُين رئيساً لجامعة الإسكندرية ، وفى عام 1950م شغل منصب وزير المعارف فى الحكومة المصرية ، وكانت هذه آخر وظيفة يشغلها ، ليتفرغ بعد ذلك للعمل الأدبي.
أعمال طه حسين الأدبيه:
اما عن اعماله الأدبيه فكان لطه حسين العديد من المؤلفات الأدبية ، التي انتشرت في المكتبة العربية ، ومنها مؤلَّفه وعنوان رسالة الدكتوراه الأولى ( عن أبي العلاء المعرى ) ، وأثيرت له العديد من المشكلات الكبيرة بين السياسيين والمثقفين ، واستمرت الأزمات تلاحقه ، وازدادت عند نشره كتاب ( في الشعر الجاهلى ) ، وفي خضم ذلك عمل طه حسين على تأليف كتاب اعتبر من أوائل الأعمال الأدبية التي تهتم بكتابة السيرة الذاتية ، وكان هذا الكتاب ( الأيام ) والذى يعد عملاً إبداعياً ، ولم ينشر في البداية ككتاب كامل ، بل تم نشره على شكل أجزاء متتالية ، في أعداد مجلة الهلال عام 1926م .
وبدأ الكتابة عن طفولته كما عرفها ، وفقدان بصره ، وطريقته في تناول الطعام ، وبدايته في التعليم ، والحياة القاسية التى عاشها، ودراسته في فرنسا، وزواجه ، وعودته إلى مصر ، والعديد من الأحداث الأخرى التي ملأت حياته ، ليتمكن طه حسين من خلال هذا الكتاب بنقل صورة عنه للقراء ، وتم جمع كتاب الأيام كاملا ً، وتوزع على ثلاثة أجزاء .
رحلته الى باريس :
اذا كانت الرحله الاولى ذات الاثر العميق فى حياة طه حسين وفكره ، و هى انتقاله من قريته المنسيه فى صعيد مصر الى القاهره ، فإن الرحله الاخرى الاكثر تأثيراً وكانت الى فرنسا فى عام ١٩١٤ حيث التحق هناك بجامعة (مونبيله) لكى يبعد عن باريس احد ميادين الحرب العالميه الاولى فى ذلك الوقت ، وهناك فى مونبليه درس اللغه العربيه وعلم النفس والادب والتاريخ ولأسباب ماليه اعادت الجامعه المصريه مبعوثيها فى العام التالى ١٩١٥ ولكن فى نهاية العام عاد طه حسين الى بعثته ولكن الى باريس هذه المره ، حيث التحق بكلية الاداب بجامعة باريس وتلقى دروسه فى التاريخ ثم فى الاجتماع حيث اعد رساله اخرى على يد عالم الاجتماع الشهير (اميل دوركايم) وكانت عن موضوع الفلسفه الاجتماعيه عند ابن خلدون ، وناقشها وحصل بها على درجة الدكتوراه عام ١٩١٩ ، ثم حصل فى نفس العام على دبلوم الدراسات العليا فى اللغه اللاتينيه .
وتقول سوزان فى مذكراتها بأن طه حسين كان يعانى من نوبات كآبه فعندما تأتى هذه النوبات ينعزل ولا يقابل احد ولا يتكلم ولا يأكل و كانت زوجته تعرف بحكم معرفتها من بلدها بأن هذا يسمى اكتئاباً ، لكنها خشيت من طه ان يعالج من هذا الاكتئاب حتى لا تحرجه ، حيث كان شديد الحساسيه بسبب اعاقته البصريه فلم ترد ان تزيد الامر عليه ، كانت تقول بأن نوبات الاكتئاب او كما كانت تسميها بأنه كان يسقط فى بئر عميق لا يستطيع احد الوصول اليه ولا يعود يرغب فى شىء مهما كان حتى ابنائه ، ورغم حبه الجارف لهم كان يتجنبهم ويعيش عزله تامه منقطعاً عن كل ما حوله .
عودته الى مصر والازمات فى انتظاره :
فى عام ١٩١٩ عاد طه حسين الى مصر فعين استاذاً للتاريخ الرومانى و اليونانى واستمر كذلك حتى عام ١٩٢٥ حيث تحولت الجامعه المصريه فى ذلك العام الى جامعه حكوميه وعين طه حسين استاذاً لتاريخ الادب العربى بكلية الاداب .
رغم تمرده على اراء اساتذته الا ان معركة طه حسين الاولى و الكبرى من اجل التنوير و احترام العقل تفجرت فى عام ١٩٢٦ حتى اصدر كتابه فى الشعر الجاهلى ، الذى احدث ضجه هائله بدأت سياسيه قبل ان تكون ادبيه كما رفعت دعوه قضائيه ضد طه حسين فأمرت النيابه بسحب الكتاب من منافذ البيع و اوقفت توزيعه ، و نشبت معارك حاكيه الوطيس على صفحات الصحف بين مؤيدين ونعارضين للكتاب .
وقبل ان تهدأ ضجة كتاب الشعر الجاهلى بدأت الضجه الثانيه بتعيينه عميدا لكلية الاداب فأثار ازمه سياسيه انتهت بالاتفاق مع طه حسين على الاستقاله ، فاشترط ان يعين اولاً و بالفعل عين ليوم واحد ثم قدم الاستقاله فى المساء و اعيد (ميشو) الفرنسى عميدا لكلية الاداب ولكن مع انتهاء عمادة ميشو عام ١٩٣٠ اختارت الكليه طه حسين عميدا لها ووافق على ذلك وزير المعارف الذى لم يستمر فى منصبه سوى يومين بعد هذه الموافقه وطلب منه الاستقاله .
فى عام ١٩٣٢ حدثت الازمه الكبرى فى مجرى حياة طه حسين ففى نفس العام كانت الحكومه ترغب فى منح الدكتوراه الفخريه من كلية الاداب لبعض السياسيين ، فرفض طه حسين حفاظاً على مكانة الدرجه العلميه مما اضطر الحكومه الى اللجوء لكلية الحقوق .
و لان حياته الوظيفية كانت دائماً جزء من الحياه السياسية في مصر صعودا و هبوطا فقد كان تسلم حزب الوفد للحكم في ٤ فبراير ١٩٤٢ ايذانا بتغير أخر في حياته الوظيفية حيث انتدبه نجيب الهلالي وزير المعارف انذاك مستشارا فنيا له ثم مديرا بجامعة الاسكندرية حتي أحيل الي التقاعد في ١٦ ابريل ١٩٤٤ و استمر كذلك حتي ١٩٥٠ عندما عين لاول مره وزيرا للمعارف في الحكومة الوفدية التي استمرت حتي ٢٦ يناير١٩٥٢ و كانت تلك اخر المهام الحكومية التي تولاها طه حسين حيث انصرف بعد ذلك الي الانتاج الفكري و الادبي .