سترى يومًا أنك في لهفةٍ إلى رشفة قهوتك، وقد يصعب عليك ذلك لأنك مريض بالضغط أو لتحذير الأطباء، وقد تصبر أوقاتًا وتقاوم لكنك ستبحث عن تلك الرشفة رغم ذلك بأي صورةٍ لتستمد معنوياتك.. نشاطك.. "مودك".
نعم، تلك هي الحياة.. فقد ترى العينَ الدامعة ولا تعرف سر تلك اللمعة بل الدموع المتحجرة.. وقد يتكلم لسانك ويصمت قلبك فيصبح اللسان كاذبًا. وقد يتحدث عقلك ولكن بعد أن دهس مشاعره، وحينئذ سترى دون تفسير، وستسمع دون إحساس، بل ستصل إلى مكانة لن يكون فيها إلا فنجان قهوتك.. فالحياة بها ألغاز إنسانية لا تفسير لها، ستمنح ويُسلب منك، ستحبهم ويكرهونك، ستُضحكهم ويبكونك، ستمرض ويتجاهلونك، ستحميهم ويؤذونك، وهكذا....
وستسأل نفسك: لماذا؟
وسيرد عقلك ردًّا قاسيا متمردا يرفضه القلب تمامًا.
وستحاول نفسُك الهروبَ من صراع العقل والقلب، ولو فررت لنجوت من هلاك الذات، وإلا سقطت مريضة.
ستمر الأيام ... وسيجري الزمن.... وستصل إلى عمرٍ وتنجلي الخبايا وستكتشف أن ما كنت تبحث عنه في لامعة عينك قد ظهر على كامل وجهك وخصلات شعرك البيضاء.
ستعلم وستعرف وستكتشف أن الإنسان من النسيان وأن ما ضاع من عمرك وتبحث عن تفسيره هو ذاته سيُفسر نفسه وبدهشة ممن كنت في حيرة منهم لأنك ستراهم بحالة مفسرة لك وإليك.
سيأتونك تفسيرًا، وستتعجب من حال الدنيا وتقلبها وتلقنهم الدرس.. ولكن بعد فوات الأوان.....
وستعود لفنجان القهوة.. تتأمل وتتدبر في ملك الله.