الأربعاء 01 مايو 2024 - 08:30 صباحاً
اختيارات القراء يومى شهرى
  • فيديوهات
تحية للقوات المسلحة والجيش الابيض والشرطة لمجابهة كورنا
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
مسجد الروضة ببئر العبد بعد تجديده
احداث انفجار مسجد العريش
أول صورة للمتهم بأكل أحشاء شقيقه
  • استطلاع رأى

هل تتوقع نجاح تجربة المدارس اليابانية؟

  نعم


  لا


نتائج
  • القائمة البريدية
ضع اميلك هنا
  • معجبى الفيس بوك
  • معجبى تويتر

عندما يجمعنا الصمت

الاثنين 31 أكتوبر 2016 11:48:42 صباحاًمشاهدات(2947)
زادت سرعتي قدر لهفتي لبلوغ غايتي.. ملعونة مدينة القاهرة.. ملعونة شوارعها.. أمواج من السيارات نخوضها شئنا أم أبينا حال وصولنا على أعتابها قادمين من مدينتنا الهادئة (برج العرب).. 
في كل زيارة لنا نصطدم بازدحام العاصمة ولا نبالي.. فنحن مشتاقون لزيارتك يا أمي الحبيبة.. لستُ وحدي.. ولكن كذلك زوجتي وأولادي.. لم أرغمهم يوماً على صحبتي لزيارتك.. بل هي رغبتهم الأكيدة.. حباً وعرفاناً.. وها نحن في الطريق نطوي الأرض تحت عجلات السيارة.. خمسون كيلو متراً تفصلنا عن بوابات القاهرة.. 
سامحيني يا أمّاه.. تأخرت زيارتي لأكثر من شهرين.. فحفيدك المدلل (جاسر) في الإعدادية كما تعلمين ولم أستطع السفر قبل أن أطمئن عليه.. ولكن أقسم لك أنك معي طول الوقت.. صوتك في أذني.. نظراتك أراها دوماً تخاطبني في صمت كما كنّا قبل أن أترك القاهرة.. أتذكرين ...؟؟ 
أراجع صوت حكاياتك عن أبي رحمه الله.. كم كنتِ تكررينها ولم أشبعمنها.. سنوات وسنوات في وجداني لا يمحوها إلا الموت.. 
باقي خمسة وعشرون كيلو متراً على بوابات القاهرة.. آه.. أتذكرين يوم الخامس والعشرين من يناير عام ألفان وأحد عشر ...؟؟ أربعة عشر عاماً على موجة الغضب الشعبية تلك والتي أُجهضت لتوها بعد أعوام من التوتر قضيتُ معظمهم معكِ يجمعنا الخوف تارة والقلق تارةأخرى.. تجمعنا الليالي الطوال والأحاديث الأطولوأنا أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم (بقلبي) وهو يجيب السائل عن أحق الناس بصحبته.. السائل يسأله.. و هو يجيبني أنا و يقول لي (أمك ثم أمك ثم أمك) .. أتذكر وقت أن كنا نتفق لنختلف.. ونختلف لنتفق.. ولم يمنعك اختلافك معي عن الدعاء لي طول الوقت.. ولم يمنعني اختلافي معك عن صحبتك معظم الوقت.. 
هاهي بوابات القاهرة.. رغم ازدحام شوارعك سأقطعك.. سأقهر مركباتك وإشارات مرورك التي لا تنتهي.. سأتجاهل الكل قاصداً أمي.. هاهو الطريق.. اتجاه طريق الواحات.. هنا الطريق إلى حيث افترقنا.. يمين فيسار فيمين.. ثم إلى الأمام.. فرابع مدخل يمين.. تماماً.. ها أنا ذا يا أمّاه.. أقف على بابك.. أصطحب زوجتي وأولادي ليمارسوا هوايتهم في ري الصبار من فوقك.. هيا يا أولادي.. نبدأ بقراءة الفاتحة عن قرب ثم اذهبوا لري الصبّار ودعوني وأمي.. 
أعلم أنكِ تسمعيني.. وأنا كذلك.. أسمعك في صمتك.. فكم جمعنا الصمت من قبل.. نعم.. كان صمتاً اختيارياً.. والآن يجمعنا الصمت كرهاً.. يجبرنا عليه اختلاف أجسادنا.. فجسدك عاد إلى حيث جاء.. إلى التراب.. وجسدي العفن لازال يبدو حياً وهو ميّت إلا من ذِكر الله الذي لا يموت.. 
على كل حال اطمئني.. فأنا واخوتي بخير.. ونجتمع في الأعياد كما كنّا تماماً.. نهتم ببعضنا البعض.. اطمئني يا أمّاه.. وأعتذر عنتأخيري.. فسأظل دائماً على موعدي معك.. آه.. كدتُ أنسى.. لازلتُ أعتني بخالتي وأتواصل مع جيرانك الذين طالما أحبوكِ