الثلاثاء 19 مارس 2024 - 09:40 صباحاً
اختيارات القراء يومى شهرى
  • فيديوهات
تحية للقوات المسلحة والجيش الابيض والشرطة لمجابهة كورنا
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
السيسى اثناء التصويت ف الانتخابات
مسجد الروضة ببئر العبد بعد تجديده
احداث انفجار مسجد العريش
أول صورة للمتهم بأكل أحشاء شقيقه
  • استطلاع رأى

هل تتوقع نجاح تجربة المدارس اليابانية؟

  نعم


  لا


نتائج
  • القائمة البريدية
ضع اميلك هنا
  • معجبى الفيس بوك
  • معجبى تويتر

القضايا العربية ما بين الإعلام الإسرائيلي والهيئة الوطنية للصحافة

الاثنين 01 يناير 2018 11:34:26 صباحاًمشاهدات(3069)
منطقة الشرق الأوسط من المناطق الساخنة ولا تقتصر مجرياتها على مقدرات دولها وشعوبها، بل تخضع لظروف دولية وأطماع وتدخلات خارجية تتحكم بقدر لا بأس به في الأحداث الداخلية لدولنا وفي علاقات كل دولة بالدول المحيطة لها، ولا يمكن إيجاد حلول للأوضاع الداخلية والعلاقات الدولية دون شرح وجهة نظرنا للآخر وإمكانية عرض حقيقي لقضايانا لأننا لسنا في معزل عن الآخرين ولكننا للأسف فشلنا في إمكانية تسويق قضايانا للشعوب، ولكن إسرائيل نجحت فيما فشلنا فيه، فقد تمكنت من تسويق قضاياها للعالم الغربى وخاصة للشعب الأمريكى وللقيادات الأمريكية، وبدأ هذا التسويق منذ بداية الحركة الصهيونية، وهي من الحركات القليلة في هذا العالم التي أحسنت استخدام سلاح الإعلام، حيث يقول بن جوريون «لقد أقام الإعلام دولتنا واستطاع التحرك للحصول على مشروعيتها الدولية، فقد كان ثيودور هرتزل مؤسس الصهيونية صحفيًا نمساويًا يهوديًا تفرغ للكتابة حول وطن لليهود في فلسطين وروج لهذه الفكرة عبر وسائل الإعلام»، ولم يقتصر دور الإعلام في دعم الحركة الصهيونية عند هذا الحد، فقد أنشأت الحركة الصهيونية إذاعة موجهة للشعب اليهودي عام 1948 وطبعت 14 صحيفة، بينها 4 ناطقة بالعربية، ونجحت إسرائيل في أن تدير أمورها عبر ثلاثة آفاق: عسكري، وسياسي وإعلامي، لذلك أعلن ديفيد بن جوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، تأسيس «هيئة رؤساء تحرير الصحف»، وهي الهيئة التي كانت تتبع بشكل أو بآخر جهاز الموساد الإسرائيلي، وعقب الثورات التي حدثت في العالم العربي لم تقتصر إسرائيل على الصحف والقنوات الفضائية بل طورت نفسها واستغلت شبكات التواصل الاجتماعي وقام الجيش الإسرائيلي بإنشاء وحدة تابعة لقسم «الإعلام الإلكترونى» تعمل على نشر مضامين باللغة العربية تستهدف الفلسطينيين والعرب وخاصة الشباب للتأثير على الرأي العام من خلال جيش من المتخصصين في المدونات ممن يتقن لغة ثانية للدفاع عن إسرائيل وسياساتها وتغيير الصورة العامة عن اسرائيل.
استطاعت الدعاية الإسرائيلية إقناع الولايات المتحدة الأمريكية بأن فلسطين موطن اليهود وأن القدس عاصمة لإسرائيل منذ القدم وأنها دولة مسالمة وأن التهديد المستمر لها يأتى من الدول العربية المحيطة بها، كما رسخت الصهيونية وصف الشخصية الإسرائيلية بأنها شخصية شجاعة، ذكية، فعالة، منتجة، حضارية وأنها غيّرت مجرى الأحداث السياسية والعلمية في العالم من خلال يهود أمثال ماركس وفرويد وآينشتين، ووصفت الشخصيات العربية بأنها شخصيات بربرية متخلفة، عدوانية، إرهابية، ديكتاتورية، تسلطية، تسعى إلى القتل وتدمير الحضارة، كما تمكنت الدعاية الصهيونية من تشبيه تصرفات العرب بالنازيين بما أوقعه النازيون من خراب في العالم والإنسانية.
 
وفى مقابل الدعاية الإسرائيلية، لم تكن هناك دعاية عربية دفاعية أو مضادة، بالإضافة إلى أن إسرائيل استفادت من اللوبى اليهودى في الولايات المتحدة وعلى رأسه «أيباك»، حيث تم تنظيم زيارات لإسرائيل للاطلاع على الأوضاع «عن قرب» للشخصيات الأمريكية المهمة والمؤثرة، كما استعانت إسرائيل بخبراء علاقات عامة لتحسين صورتهم، كما اتفقت مع كبرى الصحف العالمية على إصدار ملاحق خاصة عن إسرائيل، كما شنت في وقت من الأوقات حملة ضد صحف نيويورك تايمز، ولوس أنجلوس تايمز، وشيكاغو تربيون؛ لعدم استخدامها كلمة «إرهاب» في وصف الفلسطينيين المسلحين، وبذلك دافعت وسائل الإعلام عن وجهة النظر الإسرائيلية، مما أدى إلى تشويه الحقائق والمغالطات، ومن ضمن المغالطات ما صرحت به جولدا مائير ذات مرة بقولها: «لن أسامح الفلسطينيين لأنهم يجبرون جنودنا على قتلهم».
 
وفى سبيل وصول الصهيونية لأهدافها امتلكت ما يقرب من 1035 صحيفة ومجلة على مستوى العالم، منها 254 في أمريكا وحدها، هذا بالإضافة إلى سيطرة اليهود على أكثر وكالات الأنباء العالمية والتغلغل في جميع وكالات الأنباء الوطنية في أمريكا والدول الأوربية الغربية، والهدف من كل ذلك كما جاء في مقولة الحاخام اليهودي Rerichornr أثناء اجتماع أعده اليهود في مدينة براغ سنة 1869 بقوله: «إذا كان الذهب هو القوة الأولى فإن الصحافة هي القوة الثانية، ولكن الثانية لا تعمل من غير الأولى، وعلينا بواسطة الذهب أن نستولي على الصحافة، وحينما نستولي عليها نسعى جاهدين لتحطيم الحياة العائلية والأخلاق والدين والفضائل».
 
ولذلك اتسم الإعلام الصهيوني بسمتين أساسيتين: الأولى أنه دعاية منظمة ومخططة ذات أهداف استراتيجية، والثانية: أنه دعاية تعتمد على التكرار لترسيخ الأفكار في الأذهان والتسليم بها، كما تمتلك الصهيونية لغة للتخاطب وللحوار مع كل الفئات، فمع المتدينين تعتمد على التوراة كمرجع تاريخى، ومع الليبراليين تؤكد أنها «واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط»، ومع اليساريين تؤكد أن «الكيبوتس» هو تجربة اشتراكية رائدة في مجالات الزراعة والحياة الجماعية، وبهذا الشكل لم يعد الإعلام الإسرائيلى يتسم بالموضوعية أو الحيادية، وهو ما أكده مدير عام «أخبار إسرائيل» بقوله «أنا لا أبحث عن الموضوعية في تغطية الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. أنا أقف إلى جانب قضيتي»، ومع كل ذلك لم يكلف الإعلام العربي نفسه عناء التصدي للدعاية الصهيونية في الغرب في الوقت الذي استطاع فيه الإعلام الغربي إقناع الرأي العام هناك بأن ما يفعله العرب أمر فيه تعصب وعنف وعدوانية، وفوق هذا مناهض للسامية، وأن إسرائيل هي الحليف الغربي الوحيد في الشرق الأوسط.
 
يتضح من التقرير السابق سبب مساندة الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل من خلال قرار الكونجرس ومن خلال قرار ترامب بنقل عاصمة إسرائيل للقدس، حيث نجحت إسرائيل لسنوات طويلة في أن تبرز رؤيتها الإيجابية أمام رؤية العرب السلبية لدى الشعب الأمريكي، مما أدى إلى اقتناع القيادات الأمريكية بعدالة القضية الإسرائيلية، لقد عجزنا عن تسويق أفكارنا وقضايانا لسنوات طويلة، الأمر الذي دفع ترامب لمقولته الشهيرة «العرب ليس لديهم إلا المال» فهو لم يطلع على التاريخ العربى ولا على القضايا العربية، وما زال عدد كبير من الشعب الامريكى يعتقد أن العالم العربى منطقة صحراوية، يعتمد المواطنون فيها على ركوب الجمال حتى الآن، فالصورة الذهنية التي بثتها وسائل الإعلام الإسرائيلية تركت انطباعاً سلبياً.
 
لقد نجح الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ توليه رئاسة الجمهورية وعبر جهود مضنية في تحسين العلاقات المصرية الخارجية مع كل دول العالم ونجح في توضيح رؤية وموقف مصر من الأحداث الجارية وموقفها من الإرهاب، لذلك كانت مهمته شاقة لأنه يواجه سنوات من التشويه المتعمد لمصر من دول وجهات معادية تملك المال ووسائل الإعلام المؤثرة ولكن عدالة القضية المصرية والرغبة في تحقيق التنمية والنجاح ومقاومة الإرهاب كانت هي الفيصل في مساندة العالم لمصر، فمصر قادرة على المواجهة والمطالبة بحقوقها بما تحظى به من إمكانيات وقدرات إعلامية وسياسية تمكنها من قيادة توجه ورؤية إعلامية عربية سواء بالتعاون المباشر مع الدول العربية أو عبر وزراء الإعلام العرب لمخاطبة الشعوب الغربية والأمريكية وعرض ومناقشة قضايانا في الخارج ووضع مشروع قومى إعلامى يستمر لسنوات يكون هدفه عرض وشرح القضايا العربية وتحسين صورة العربى في الخارج، هذه التوجهات تحتاج وسائل إعلامية موجهة سواء صحف أو قنوات فضائية وإذاعات ويعتبر الإعلام الإلكترونى المتمثل في المواقع الإلكترونية والسوشيال ميديا أرخصها وأكثرهما تأثيراً ولكنه يحتاج إلى دعاية قوية وتحديد الفئة المستهدفة وتحديد المضمون، وحسناً ما قامت به الهيئة الوطنية للصحافة من البدء في بث موقعين باللغة الإنجليزية عبر الأهرام وباللغة الفرنسية عبر الجمهورية لمخاطبة الآخر، ونحتاج للعديد من المواقع والمنصات الاعلامية للهدف ذاته.
 
ولنجاح الفكرة تحتاج المنظومة للاستكمال عبر تشكيل مركز أو هيئة أو جهة متخصصة لتحديد المضمون أو القضايا الإعلامية التي ترغب الدولة في مخاطبة الآخر بشأنها اعلامياً وخاصة فيما يتعلق بالقضايا العربية بحيث تراعى هذه المادة المقدمة خلفيات هذه الدول والشعوب وعاداتها وأفكارها الاجتماعية والنفسية والسياسية وما لحق بفكرها من سلبيات تجاه العالم العربى، مع إمكانية الرد السريع على أي أكاذيب أو افتراءات في هذا الشأن، ولابد أن يتوسع المجال في مخاطبة الآخر عبر وسائل الإعلام الإلكترونى في كل المجالات مثل تنشيط السياحة المصرية عبر الولوج للصفحات والمجموعات لشعوب هذه الدول، وعرض الثقافة المصرية الحقيقية من خلال وزارة الثقافة وعرض الحضارة المصرية من خلال وزارة الاثار، وعرض البطولات المصرية في الخارج من خلال وزارة الشباب، فلابد أن تتحدث مصر عن نفسها وخصوصاً في هذه المرحلة وتحديدًا فيما يتعلق بالمشاريع القومية الضخمة التي تشهدها مصر حالياً، وأن يكون لمنظمات العمل المدنى الإعلامية دور أيضاً في تفعيل هذا الاتجاه لمساعدة مؤسسات الدولة حتى يكون هناك ظهير شعبى متعاون مع الدولة من أجل تحقيق التنمية، وألا يتم التقليل من دور أي شخص أو فكرة لأن الهدف في النهاية واحد وهو السعى للنهوض بالوطن وتحقيق التنمية والرخاء لمصرنا العزيزة.
 
بارك الله في مصر وشعبها وجيشها ووقاها شر الفتن وشر الإرهاب وأن تظل الحصن الآمن لكل الدول العربية.