بالطبع لا أقصدك أنت أيها القارئ الكريم .. فأنا لا أعرفك كي أتمنى لك الموت .. و لكن هذا لا ينفي أنه قد يكون هناك من يتمنّى موتك .. أسمعك و أنت تقول بذهول ( يتمنّى موتي ؟؟ ) لماذا ؟ .. فأنا لا أؤذي أحداً .. و أحب زوجتي و أولادي .. و بارّاً بوالديّ .. و أتفانى في عملي يوميا ً و ... و ... و ....
و أنا بعدما سمعتك ( بقلبي ) و أنت تعدد مزاياك لازلت أكرر أنه قد يكون من يتمنّى موتك و زوالك من على وجه الأرض .. نعم .. و قد يكون السبب هو إحدى مزاياك .. ربما تفانيك في العمل يجعل من الكسالى و معدومي الضمير من زملاءك من يتمنى أن سيمع خبر وفاتك .. سيبكون .. و سيسارعون في حمل النعش إلى مثواك الأخير .. و لكن نفسه في أعماقه تعزّه و تقول له ( أرتاح و ريّحنا ) .. ربما زوجتك الجميلة الهادئة المتفاهمة معك على طول الخط سبباً لأن تقول جارتكما في أعماقها ( داهية تاخدهم الإثنين في ساعة واحدة ) ..
كفاك تعجباً و دهشة أيها القارىء و إلا توقفت عن الكتابة .. كفاك بلاهة و عبط و أرصد العيون التي ترصدك ..
صدقني .. قد يتمنّى موتك شخص كل ما يربطك به هو أنكما مشتركان في مكان ركنة السيارة تحت العمارة محل سكنكما .. و من يأتي أولاً يظفر بالركنة .. سبحان اللله .. فتحدثه نفسه و أنت خارج بسيارتك لتقول ( إياك تروح ما ترجع يا شيخ ) .. بدون كلام .. بدون صوت .. و لكن بالتمنّي .. و هل التمنّي قتل ..؟ نعم .. من يتمنّى قتلك فقد قتلك .. و من يتمنّى زوالك فقد قتلك .. أقتلك بيدي أو بالسكين .. بالمسدس أو بمجرد إرادتي .. ففي كل الأحوال قد قتلتك ..
و أخيراً .. أتمنى ألا تبتئس أيها المغدور .. فأي إنسان ناجح لابد له من كارهين .. لابد له من يتمنّى زواله و لو لم ينطق بها .. و لنا في الأنبياء كل الأسوة .. فهذا أبو الأنبياء إبراهيم عليه و على نبينا الصلاة و السلام قال ربي الله .. فجاءه من ألقى به في النار .. هو لم يمت ( بأمر الله ) و لكن القاتل قتل و أنتهى .. و هذا كليم الله سيدنا موسى .. قال ربنا الله .. فجاءه من طارده حتى اليم .. إما قتله أو إغراقه .. نعم .. نجّاه الله .. و لكن القاتل قتل و أنتهى .. و هذا رسول المحبة و السلام .. الحنون .. العطوف .. طيب الأخلاق و الذكر .. الذي قال لشعبه أحبوا أعدائكم .. سيدنا عيسى بن مريم .. جاءه من يخونه من أصحابه .. و جاءه من يرفعه على الصليب ( طبقاً لعقيدة المسيحيين ) ليدق المسامير في أم كفيه و قدميه ..
ففي المسيحية ( صُلب المسيح ) .. و في الإسلام ( رُفع المسيح ) .. و في الحالتين القاتل قتل .. سواء بيده أو بإرادته ..
أما سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام فقد جاءه الجمع ( رجل من كل قبيلة ) ليضربوه ضربة رجل واحد و لكن نجّاه الله سبحانه و تعالى .. فلم يُقتل .. و لكنهم أدّوا جريمة القتل بإرادتهم و أمانيّهم ..
فقط إنتبه أيها القارىء .. إحذر من عيون تراقب نجاحك من وراء الشبابيك .. أو من تحت النظارات .. إحذر نفوس تتمنّى زوالك من على ( وش الأرض ) لمجرد وظيفة أو تجارة أو تبديله من إحطياتي إلى أساسي في فريق الكرة حال موتك .. أو حتى من أجل ركنة سيارة