أديتُ صلاة الجمعة في مسجد قريب من بيتي وقد افترش المصلون السجاجيد والحصير خارج المسجد في الشارع بعد أن امتلأ المسجد بالداخل عن آخره..

أنهى الخطيب خطبته بالآية الشهيرة (وأقم الصلاة.. إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.. ولذكرُ الله أكبر.. والله يعلم ما تصنعون)

أعلم تماماً كما يعلم الجميع أن هذا هو حال مساجدنا في مصر بأسرها كل يوم جمعة.. مساجد مكتظّة بالمصلّين.. ومصلّون يفترشون الشارع بالخارج.. بل والشوارع المحيطة أيضاً في بعض الأحوال.. والسؤال الآن.. إلى أي مدى تؤثر تلك الصلاة فينا ...؟؟ أو هل أنها تؤثر فينا أصلاً ...؟؟ إلى أي مدى يؤمن المصلون بالآية (والله يعلم ما تصنعون) ...؟؟ هل نؤمن حقاً بأن الله يعلم ما نصنع ...؟؟ إذا كانت الإجابة بـ (لا).. فلماذا نرهق أنفسنا بالذهاب إلى المسجد والصلاة والتزاحم وما إلى ذلك ...؟؟ وإذا كانت الإجابة بـ (نعم) فكيف يسرق من يسرق ويخون من يخون ويرتشي من يرتشي وهو يعلم بأن الله يراه ...؟؟

تباين رهيب نعيشه في بلد يصر البعض أن الشعب فيه متديّن بطبعه.. لقد كنّا كذلك سابقاً ولكن ماذا حدث ...؟؟ الله أعلم

منذ أيام قليلة قرر سيادة المستشار نبيل صادق – النائب العام – حبس أصحاب الصوامع وأصحاب الشونوأيضاً حبس أعضاء اللجنة الحكومية المشرفة على استلام القمح والذين ثبت تورّطهم وارتكابهم لجرائم التلاعب في توريد كميات القمح المحلّية والاستيلاء على المال العام.. وبعيداً عن أي تفاصيل سياسية أو قضائية أعود إلى موضوعنا وأسأل.. هل أصحاب الصوامع والشون لا يصلون الجمعة ...؟؟ هل أنهم لا يسمعون ذيل الآية ( و الله يعلم ما تصنعون ) ..؟؟ هل الموظفون أعضاء اللجنة الحكومية تلك لا يسمعون الخطبة تلو الخطبة حول الفساد في الأرض وعاقبته في الدنيا قبل الآخرة ...؟؟

أكاد أُجزم أن أعضاء تلك اللجنة قد أدّوا العمرة بل والحج إلى بيت الله مرات ومرات.. إذاً فأين الخلل.؟ الخلل في أنفسنا.. في ضمائرنا بكل تأكيد.. بعد أن نسينا أن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..

وأعود وأسأل.. متى نخرج من صلاة الجمعة وقد قرر المرتشي ألّا يرتشي والزاني ألّا يزني والمفسد ألّا يفسد ...؟؟  متى نفطن إلى أن التغيير والنهضة لن تأتي إلا بإصلاح ما بداخلنا قبل بناء المدن وشراء الطائرات ...؟؟ وأترك لك الإجابة